جلسة الحوار الجديدة، انتهت الى اتفاق على تفعيل الحكومة.
حسناً، فعل الكبار من أهل السياسة.
أدركوا، انهم عاجزون عن انجاز الانتخابات الرئاسية، فقرروا تسيير الأمور، وتسهيل حاجات الناس. لأن الله وحده هو القادر على معرفة أوان الانفراج الرئاسي، بانتظار الفرج والافراج.
ويبدو أن الكبار اكتشفوا ان القصة ليست في يد الجنرال والحكيم.
ولا بين سعد المستقبل، ونبيه البرلمان.
ولا بين المختارة وحارة حريك.
ولا بين السفيرين جيفري وهيل.
ولا بين الرابية وبنشعي.
بين اللبنانيين جميعاً، وبين الخارج من أدناه الى أقصاه.
اتفقوا على حلّ مشاكل الناس.
برافو عليهم. أدركوا انهم كبار.
… وأدركوا ان الشأن الرئاسي أكبر منهم.
لا الرؤساء أرادوا مغالبة العقبات.
ولا بكركي عادت من روما، بتواضع البابا فرنسيس، ولا هي تنسى أن دعواتها الى الانتخاب، تنتج رئيساً للبلاد!
هواة المناصب مستعجلون الانتخاب، والمستحقون يتحلّون بالصبر، وب فضيلة الانتظار.
عندما جثمت فكرة الاستقالة من رئاسة الجمهورية، على رأس الرئيس فؤاد شهاب، للمرة الأولى، اتجهت أنظاره الى الشيخ بشارة الخوري.
وكان الأمير اللواء، يقول للرئيس حسين العويني: فخامته سلّمني الرئاسة، وأنا أعيدها اليه مع الكتاب.
إلاّ أن الدستور ظلّ معلقاً على الطموحات أكثر من قرن، لكن طيف الامارة، بقي ملازماً لأفكاره ثلاثين عاماً.
يقول الرئيس رشيد كرامي، إن كثيرين لم يدركوا ما كان يسعى اليه فؤاد شهاب، لأنه قال له مراراً: لست عنيداً، بل أريد دولة، ورجال دولة، لا مجرد أشباه لهم.
منذ العام ١٩٥٠، ظل فؤاد شهاب يفتش عن الدولة ولا يجدها.
كان يريد دولة، لا مجرد رؤساء يصلون الى الرئاسة، ولا دولة حقيقية فيها.
من أجل ذلك، طلب من الرئيس الياس سركيس، عندما كان مديراً عاماً للرئاسة، أن يبحث له عن شخص اسمه فؤاد بطرس، لأنه رفض، وهو قاض طلب وزير، لا يجيز القانون الموافقة عليه.
ويروى أنه، عندما أصبح رئيساً، راح يسأل من يود التعاون معهم: هل تريد العمل في الدولة، وما هو مفهومك للدولة؟
وهذا ما قيل إنه طرحه على شفيق محرم، قبل أن يضمه الى فريق عمله.
ولهذا قرر العزوف لأن السلطة بحاجة الى اعادة تركيب، ذلك أنه اكتشف أن الفساد متجذر في الحكم ولا يعالج، لا بانقلاب، كما في الدول المجاورة، ولا بالأساليب التقليدية.
وضع اللائمة على من تعاونوا معه من العسكريين، وتسليط حكم الشعبة الثانية على الناس. الا ان ذريعته انه اتى من صفوفهم، ولا حزب عنده ليكون عدته والأساليب.
بالأمس، مرروا الأمور العادية، لتسهيل أمور الناس.
لم يدرك الحاكمون بعد، أن ترحيل النفايات لم يرافقها ترحيل الفساد من السلطة.
ولم يدرك السادة الوزراء، انهم جاءوا تحت شعار التغيير، فاعتنقوا مبادئ الفساد لا شعارات التجديد في الأساليب!!