Site icon IMLebanon

المؤسسات تترهّل في غياب الرئيس

يتقدم خطر الإرهاب ومواجهته الاولويات الامنية، ويتأكد يوما بعد آخر ان اتفاق اللبنانيين يمنع تحويل لبنان ملاذا للارهابيين وذلك عبر وحدة وطنية وعدم تقديم ملجأ آمن وبيئة حاضنة لهم تتوفر في خلافاتهم، والوقوف وراء الجيش في تصديه لهذه الجماعات، مع التنويه الى ان ضغط هذه المجموعات باتجاه لبنان يعني انهم بدأوا يفقدون عوامل الاستقرار في سوريا، وبالتالي هم في طريقهم لخسارة كل قاعدتهم، لأن خسارة المساحة الجغرافية السورية لا تعوّضها اي مساحة جغرافية لبنانية عصيّة التحقق عملياً.

هذه الخلاصة يمكن الانطلاق منها للإطلالة على الواقع السياسي اللبناني من زاوية رئاسة الجمهورية، بحسب سياسي مسيحي يرى أن «النظرية الشائعة التي تقول إن الامور ماشية من دون رئيس جمهورية، وبمجرد ان يستبطن اي مكوّن لبناني هذه النظرية، تعني الدخول في محظور لا رجعة فيه، لذلك علينا التفكير بالمصلحة الوطنية اكثر من اي وقت مضى، وعدم النظر الى الشغور الرئاسي على انه مناسبة للاستفادة الشخصية، لانه بقدر تعزيز مصلحة الوطن تتعزز مصالح الفرقاء».

ويرى السياسي ان «لرئاسة الجمهورية بعدين اساسيين، مؤسساتي وطائفي، انطلاقا من الاجابة على سؤالين اساسيين وهما: هل يستطيع البلد السير من دون رئيس للجمهورية يكون رئيساً للمؤسسات؟ وهل يستطيع البلد السير من دون مشاركة مسيحية؟ ثبت ان المؤسسات تترهّل وتضعف وتتصارع في غياب الرئيس، وثبت ايضا ان الصيغة اللبنانية تصبح مهددة من دون مشاركة مسيحية وفي ظل ما تشهده المنطقة العربية من تهجير منظم للمسيحيين».

ويقول السياسي المسيحي «بالبعد المؤسساتي، هل يسير البلد من دون رئيس للدولة؟، اذا غاب سفير يحل مكانه قائم بالاعمال، صحيح ان الامور تسير ولكن هذا لا يغني اطلاقا عن وجود سفير. بغياب رئيس جمهورية هناك حكومة، ولو كان الدستور لا ينص صراحة على ان الحكومة تحل مكان الرئيس عبر انتقال الصلاحيات الى مجلس الوزراء لكان هناك ازمة كبيرة، ومع وجود نص واضح عن انتقال الصلاحيات اصبحت الامور محلولة بالموجود وبصفة استثنائية اقرب الى تصريف اعمال».

ويحدد السياسي المسيحي ثلاثة مبادئ تتصل بالرئاسة الاولى وأهميتها:

الاول، إن عملية اتخاذ القرار اسهل بوجود رئيس للجمهورية. في الوقت الحاضر القرار يحتاج الى موافقة كل الوزراء، وبالتالي عملية اخذ القرار في لبنان صارت أصعب، لان اي قرار سيتخذ له طابع الاهمية مثل فرض الامن يستطيع وزير لوحده ان يعطل صدوره، لكن مع وجود رئيس جمهورية تصبح عملية اتخاذ القرار اسهل عبر الاكثرية او الثلثين، مع تشكيله حاضنة دستورية اكبر لتحسين الوضع السياسي والامني والاقتصادي.

الثاني، اذا كان لدى رئيس الجمهورية من الحكمة والمسؤولية والموقع ويحظى بثقة الطوائف، يلعب دور الموفّق بين اللبنانيين، ويستطيع ان ينجز حوارا جديا (خصوصا اذا كان خارج الاصطفاف وتاريخه ليس فيه اي عنف ويحظى بالثقة).

الثالث، يستطيع رئيس جمهورية مسيحي ان يعطي للعالم ان الديموقراطية في لبنان ممكنة واستمرارية المؤسسات ممكنة والبلد لا ينقسم.

ويعتبر السياسي نفسه أنه «بوجود رئيس جمهورية على رأس الدولة والمؤسسات، يصبح الاستقرار اكبر من ناحية تسهيل عملية اخذ القرار في السلطة التنفيذية، لا سيما في الامور الاجتماعية والاقتصادية والامنية والسياسية. ويساهم اكثر في تقريب الاطراف الداخليين من بعضهم البعض، ويرسّخ فكرة ان لبنان بلد قادر على الحياة والاستمرارية عبر انتهاج الديموقراطية سبيلا للحكم. اما اذا كان هناك رئيس جمهورية متهور وغير عاقل فقد يدفع باتجاه مشكل كبير في البلد».

ويؤكد السياسي «ان المهم عدم انتظار الخارج، وعدم الدخول في لعبة الخطابات المتعددة حسب الطلب والحاجة، والاكثر اهمية عدم مقاربة ملف الرئاسة من زاوية ربح وخسارة انما على قاعدة ربح وربح».