Site icon IMLebanon

“التأمين” لم يعد مؤمّناً

 

نسبة تعويض الأضرار تنخفض بشكل موازٍ مع ارتفاع سعر الدولار

 

فرض انهيار سعر صرف الليرة نفسه ضيفاً ثقيلاً على كل القطاعات الانتاجية والخدماتية. فعدا عن حالة الضياع التي يسبّبها التراجع اليومي في سعر الصرف مقابل الدولار، فان الشركات والمواطنين أصيبوا بخسائر مادية على حد سواء. شركات التأمين واحدة من المرافق التي انسحبت عليها الأزمة، وانعكست قلقاً ومزيداً من الأسى على زبائنها.

 

لغاية الساعة لا تزال شركات التأمين تستوفي الاقساط وثمن البوالص بالدولار الاميركي أو ما يعادله بالليرة اللبنانية بحسب سعر الصرف الرسمي الذي يتراوح بين 1515 و1520. والمفاوضات مع وزارة الاقتصاد التي لم تنتهِ بعد، توصلت بحسب مصادر جمعية شركات الضمان في لبنان “ACAL ” إلى إدخال “شوية تعديلات” على كيفية احتساب سعر صرف الدولار. ما يفهم انه لن تكون هناك موافقة على اعتماد سعر صرف السوق الموازي. إنما “الأرجح ان يعتمد سعر المنصة المحدد بـ 3850 ليرة”، بحسب رئيس الجمعية إيلي طربيه، “وإلا فان نتائج الاصرار على التقيد بسعر الصرف الرسمي سيكون بمثابة جرس الإنذار الأخير لإقفال الشركات، التي لم تتأخر يوماً في اداء واجبها تجاه المضمونين. وساهمت في حماية الأمن الاجتماعي للمواطنين”.

 

تراجع قيمة التعويضات

 

زبائن شركات التأمين يشتكون من ان نسبة تعويض الاضرار تنخفض بشكل مواز مع ارتفاع سعر الدولار. فالشركات تسدد قيمة الفواتير مثلما تتقاضى ثمن البوالص، أي على 1500 ليرة. بمعنى ان التعويض عن حادث سير بقيمة 1000 دولار أميركي تدفعه شركة التأمين مليوناً و500 الف ليرة لبنانية. فيما الالف دولار تساوي 10 ملايين ليرة. ما يستوجب على صاحب البوليصة دفع 8.5 ملايين ليرة فرق الحادث.

 

شكاوى المواطنين المتزايدة دفعت بعض “الشركات” إلى اطلاق برنامجين في ما خص التأمين على السيارات. واحد بالليرة اللبنانية وآخر بالدولار الاميركي. على ان يكون التعويض عن الحوادث بنفس عملة التأمين. فاذا كانت فاتورة التصليح 1000 دولار تكون قيمة التعويض في برنامج الليرة مليوناً وخمسمئة ألف فقط. أما للمشتركين في برنامج الدولار فيدفع المبلغ كاملاً بالعملة الاجنبية. تعويض العميل عن حوادث السير يكون عادة عبر دفع شيكات مصرفية او شخصية للمستشفيات ولـ”ورش التصليح الميكانيكية” ولـ “مؤسات الحدادة والبويا”. إذا كانت قيمة الشيك صغيرة أي أقل من 500 دولار يستطيع المستفيد سحبه من المصرف بحسب التعميم 151 على اساس سعر صرف 3850 ليرة. وهو ما يعني عمليا فقدان التعويض أكثر من نصف قيمته، ان كان سعر صرف السوق الموازي يتراوح بين 9500 و10 آلاف ليرة. أما اذا كانت قيمة الشيك مرتفعة فسيتحول إلى “لولار” في المصارف تتساوى قيمته مع سعر الصرف الرسمي.

 

الدفع بـ الـ”لولار”

 

المشكلة تبرز أيضاً مع حسابات التأمين الضخمة على الحياة أو الاصول كالمنازل والشركات والمؤسسات. فمن خبأ قرشه الابيض في التأمين ليومه الاسود ودفع مبالغ طائلة على مدار سنوات طويلة لن ينال أكثر من 15 في المئة من المبلغ الذي أمن عليه في حال كان يسدد دفعاته بالليرة اللبنانية على اساس 1500.

 

وبحسب طربيه فان مسؤولية شركات التأمين تختلف بين انواع التأمين والعملة التي تسدد بها البوالص. ففي حال حريق المنازل مثلاً او تضررها بشكل كلي تكون مسؤولية الشركة اعادة بنائها لتعود كما كانت”. أما بالنسبة الى التأمين على الحياة التي يجب ان تدفع حكماً بعملة البوليصة، فهي مقسومة إلى قسمين: الاول هو تأمين على القروض المصرفية حيث تسدد شركة التأمين ما تبقى من قروض الى البنك مباشرة عبر شيك مصرفي. والقسم الثاني الذي هو عبارة عن ادخار استثماري، فيُفتح للمستفيد حساب بنفس نوع العملة في المصرف. وفي جميع الحالات يشير طربيه الى انه “اذا دفع المضمون اقساطه عبر شيك مصرفي ترد له الاموال بنفس الطريقة”.

 

الخسارة التي ستلحق بالمضمونين جراء تحول الدولار في المصارف الى “لولار” يمكن حلها، برأي طربيه، في بعض مجالات التأمين، وتحديداً منها التأمين على السيارات، “من خلال تعديل قيمة السيارة في البوليصة وذلك حفاظاً على امكانية شراء سيارة بديلة في حالات الضرر الكلي”.

 

أزمة تسعير البوالص في شركات التأمين بدأت تنعكس على قطاعين أساسيّين يتعاملان معها وهما المستشفيات وورش التصليح. فتسديد الفواتير على اساس سعر الصرف الرسمي يلحق بالمتعاملين مع شركات التأمين خسائر فادحة. فيما الحل، بحسب طربيه، هو “اعتماد سعر صرف المنصة 3850. عندها تكون مسؤوليتنا كاملة في ما خص تأمين المستشفيات وورش التصليح مهما تغير سعر الصرف في السوق الموازية في المستقبل”.