ماطوسيان لـ”نداء الوطن”: الحلّ بتحديد سعر صرف موحّد لكل القطاعات
تسلك شركات التأمين درب سائر القطاعات الإقتصادية المحاصرة والمربَكة من انهيار سعر صرف العملة الوطنية. وبالتالي، فإن هذا القطاع الحيوي الذي يؤفّر مظلّة الأمان لمئات الآلاف من اللبنانيين، يعيش اليوم ظروفاً قاسية، ما ينعكس سلباً على المؤمّنين. كيف ذلك، وما هي المشاكل التي تُصيبه مباشرة كما تصيب المؤمّنين؟
قبل الشروع في صلب الموضوع لا بدّ من الإضاءة على بعض الارقام، للاشارة الى حجم المعنيين بهذا القطاع وانعكاس الأزمة مباشرة عليهم وعلى المؤسسات والنشاط الاقتصادي ككل.
إستناداً الى بيانات جمعية شركات التأمين في لبنان ( ACAL)، فإن عدد المؤمنين في فرع الاستشفاء يبلغ 837 الفاً، وفي الحياة 618 الفاً. أما أعداد السيارات والمركبات الاخرى التي تشملها التغطية التأمينية، فيبلغ مليوناً و403 آلاف. وفي فرع الحريق يسجّل حجم التأمينات 65 الف مؤمن ؛ والمؤمنون في فرع النقل 83 الفاً ، وفي المسؤولية المدنية يبلغ 146 الفاً، إضافة الى 321 الف مؤمّن في فروع مختلفة.
أمام هذه الارقام، يبدو واضحاً أن ما قد يصيب هذا القطاع سينسحب على عدد كبير من المواطنين أكانوا مؤمنين أم عاملين في القطاع ويطاول صحّتهم وأعمالهم…ويزيد من الأعباء عليهم.
حول المشاكل التي تعترض قطاع التأمين والفروع الأكثر تضرراً من أزمة تهاوي سعر العملة الوطنية، يقول النائب ألكسندر ماطوسيان، وهو المتعمّق في المجال كونه رئيس مجلس إدارة شركة تأمين، إن “المشكلة الاساسية التي يعاني منها القطاع تتمثّل في ارتفاع سعر صرف الدولار الذي رتّب أكلافاً كبيرة على الشركات، الملتزمة حتى اليوم بالقوانين في احتساب اقساط البوالص بحسب سعر الصرف الرسمي وهو 1515 ليرة. وغنيّ عن الشرح أن زيادة الاكلاف طاولت معظم القطاعات خصوصا فرعي الإستشفاء والسيارات وغيرهما. وهذا وجه من وجوه أزمتنا المتمثلة أيضا باستحقاقات يُفترض بشركات التأمين دفعها لمعيدي التأمين في العالم، وبالعملة الصعبة”.
حلول متوازنة
ويضيف ماطوسيان “نبحث مع وزير الاقتصاد راوول نعمة عن حلول متوازنة تحمي القطاع ولا تضيف أعباء تفوق طاقة المؤمّنين في هذه الظروف الصعبة. وهو يبدي كل تعاون ويحاول إيجاد الحلول التي هي من دون شك، صعبة على الجميع”.
فدائرة الأزمة تتسلّل الى سائر القطاعات التي تتعامل معها شركات التأمين، وابرزها المستشفيات والمختبرات ما دفع بنقابة أصحاب المستشفيات الى إرسال كتاب الى شركات التأمين، تطالبها فيه بتسديد نسبة 45% من فواتيرها بالدولار عن طريق الشيكات ونسبة الـ55 % المتبقية تتقاضاها شيكات بالليرة اللبنانية. الخطوة التي تؤشّر الى أزمة كبيرة تلوح في الافق قد تكون إحدى عواقبها توقّف المستشفيات عن استقبال مرضى التأمين، مع العلم أن هؤلاء هم عادة،”المرحب بهم” اكثر من غيرهم في المستشفيات.
وبدورها، أبلغت المختبرات شركات التأمين أنها سترفع أسعار الفحوصات بنسبة تتراوح بين 10 و 20% . ويأتي ذلك بعد زيادة نقابة الأطباء تعرفة الطبيب.
وليس بعيدا من القطاع الطبي والاستشفائي، يبرز تحدٍّ مستجدّ وهو معالجة المصابين بفيروس “كوفيد 19” سواء من المقيمين أو من الوافدين الى لبنان.
حول ذلك يقول ماطوسيان إن “شركات التأمين، التي تعرف واقع الدولة وقدراتها، بادرت الى اقتراح بوليصة تـامين خاصة لـ”كوفيد 19” للمساعدة في مواجهة هذه الجائحة وتخفيف الأعباء عن كاهل الدولة. وهكذا يمكن لكل وافد الى لبنان سواء كان لبنانيا او أجنبيا، شراء هذه البوليصة، الوحيدة المعمّمة من قبل الدولة الللبنانية، قبل قدومه الى البلاد على الرابط www.covid19travelcare.com/web.
ويتابع: الكلفة الإستشفائية للمصاب بكورونا قد تصل الى نحو 40 مليون ليرة، ويمكن للداخل الى لبنان أو الدولة اللبنانية تفاديها، من خلال شراء البوليصة “اون لاين” قبل الوصول الى بيروت بمبلغ يبدأ من 20 دولاراً لفترة شهر”.
تأمين السيارات
وليس فرع الإستشفاء وحده المتأثّر بالأزمة، بل إن قطاعات أخرى لا تقل أهمية للمواطنين، معنية بشكل كبير والمتمثّلة بفرع التأمين على السيارات. هنا الازمة تقارب النكبة مع ارتفاع أسعار قطع غيار السيارات وحتى المركبات نفسها. الجميع يشكو. شركات التأمين، المؤمّنون، أصحاب الكاراجات ، تجّار قطع السيارات، وهم على حق!!… .
فالمؤمّن الذي يسدّد تأمينه وفق القانون والانظمة المرعية كيف يمكنه أن يقبل ان يكون عملياً under insured فيحصل على تغطية دون السعر الفعلي المتضخّم في السوق؟
وبدورها شركة التأمين التي تتقاضى قسط البوليصة استناداً الى سعر الصرف الرسمي للدولار، كيف يمكنها أن تصمد في تغطية المؤمّن لديها استناداً الى سعر صرف يتراوح بين 8 أو 9 الآف ليرة مثلا؟
ومستوردو القطع يسدّدون سعر البضائع بالعملة الأجنبية وكذلك الأمر بالنسبة الى أصحاب الكاراجات الذين يقومون بتصليح السيارات. فجميع القطاعات الإقتصادية مأزومة وتدور في حلقة مفرغة. إذاً ما الحلّ؟
يرى ماطوسيان أن “”الحلّ الوحيد يرتكز على تحديد سعر صرف موحد على كل الاراضي اللبنانية، يشمل كافة القطاعات الإقتصادية ومنها التأمينية “.
ويختم مشددا على “ضرورة تشجيع الدولة القطاع الخاص ودعمه معنويا في كل المجالات، لانه الوحيد القادر على النهوض بلبنان وخلق فرص عمل في مجالات متنوعة، ما يعيد الامل والثقة المفقودة في البلاد والتمسك بالعيش فيه بكرامة”.