Site icon IMLebanon

«تكامل وجودي».. على مين؟!

 

 

ما بين «التكامل الوجودي» رئاسياً و«الصغائر العابرة» تمديداً، شعبٌ بأمه وأبيه يدفع الثمن، من دون أن يتكامل معه أحد في «التيار الوطني الحر»، أو يلتفت أحد في «حزب الله» الى «صغائره» المتعلقة بلقمة عيشه، والمفارقة أن الأول يقيم الدنيا ولا يقعدها تحت شعار «حقوق المسيحيين»، فيما الثاني يخوض «الواجب الجهادي» من أجل حماية الشيعة.

ليس في ما سبق ذكره أي تحامل أو ترف في التحليل، ما دامت وقائع الأيام الماضية خير شاهد على أن المسيحيين والشيعة في وادٍ، فيما «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» في وادٍ آخر، أبعد ما يكون عن مصلحة من يمثلون، وأقرب ما يكون إلى التمثيل عليهم، تحت ستار «وثيقة التفاهم».

في الواقعة الأولى، فإن ما حصل في بتدعي – دير الأحمر من جريمة بحق عائلة فخري، وما تلاها من أجواء خطيرة، كشف للرأي العام المسيحي أن «وثيقة التفاهم» التي قدّمها «التيار العوني» على أنها «الدرع الواقية» له، أعجز عن حمايته من عصابات مسلّحة تُشكّل مناطق «حزب الله» البيئة الحاضنة لها، في «مربعات الموت» المستمدة سلطتها من المربعات الأمنية للحزب.

وما زاد الطين بلّة بالنسبة إلى الرأي العام المسيحي، أنه في حين سارع زعيم «القوات اللبنانية» سمير جعجع إلى محاولة احتواء تداعيات الجريمة، بدا زعيم «التيار الوطني الحر» النائب ميشال عون كمن «بلع الموسى»، بحيث تصرّف حيالها كما لو أنها من «الصغائر العابرة» التي لا تستحق إحراج «حزب الله»، بدليل أن تكتّل «التغيير والإصلاح» مرّ عليها مرور الكرام في بيانه الأسبوعي، ولم يتعاطَ معها على طريقته المعهودة، في استثارة الغرائز دفاعاً عن المسيحيين، والسبب أكثر من بسيط، ذلك أن أي مغالاة في «الدفاع العوني»، كما جرت العادة، ستشكّل استهدافاً لـ«حزب الله»، بعكس ما تنص عليه منظومة «التكامل الوجودي» التي ما إن أبصرت النور، حتى بدأت تأكل أبناءها.

أما الواقعة الثانية، فتتعلّق بقضية المياومين في مؤسسة «كهرباء لبنان»، وجلّهم من أبناء الطائفة الشيعية الممثلة سياسياً بـ«حزب الله» وحركة «أمل»، أو ما يسمى بـ«الثنائية الشيعية». هؤلاء المياومون، رددوا خلال قطعهم لبعض طرق العاصمة بيروت بالأمس، هتافات ضد «صهر» الجنرال عون وزير الخارجية جبران باسيل، لدرجة أن أحد المياومين ناشد الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله قائلاً بالحرف: «يا سيد حسن.. نحن 800 عائلة شيعية وجبران باسيل يحاربنا.. لا يمكنك أن تسكت عن حقوقنا!».

إذاً، لا تختلف حال نصرالله عن حال عون، فكلاهما في «السكوت المتبادل» عن حقوق الناس واحد، والعزاء هو لكل من يعتبرهما معنيين بتحصيل حقوقه، ربما لأن حقوق الناس، بنظرهما، هي من «الصغائر العابرة» التي ينفع معها التمديد «وجعاً وجوعاً» كي لا يصاب «التكامل الوجودي» بينهما بأي أذى أو ضرر، لا سمح الله.

ومن دون الغوص بوقائع أكثر، لعل أبرزها الموقف من قضية العسكريين المخطوفين، يبدو واضحاً أن «التكامل الوجودي» ما بين «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» هو على حساب الناس جميعاً، وليس من أجلهم، وبالتحديد في شارعهما، فمن جهة يهدد المسيحيين ولا يحميهم، ومن جهة ثانية يأكل لقمة عيش الشيعة ولا يُحصلها.

ويبقى السؤال: «تكامل وجودي على مين»؟!

() منسق عام الاعلام في «تيار المستقبل»