حققت القوى العسكرية والامنية انجازات واضحة في المرحلة الاخيرة، وما تزال تحقق المزيد ويكاد لا يمّر يوم من دون الاعلان عن كشف شبكة ارهابية هنا، وخلية هناك، وعملية قيد التحضير هناك.
واللافت ان هذه الانجازات ليست وقفا على جهاز واحد من دون سواه. بل ان التباري في الاعلان عما تحقق تشترك فيه الاجهزة كلها تقريبا: مخابرات الجيش، الامن العام، المعلومات.
واخيرا، منذ اواخر شهر ايار الماضي حتّى اليوم، بتنا نسمع عن دور لجهاز امن الدولة كذلك هذا الجهاز الغارق في مشاكله المتفاقمة بين رئيسه ونائب الرئيس المرشح للمغادرة، خلال ايام، بحكم بلوغه سن التقاعد، في وقت يبدو ان الرئيس نبيه بري لم يتزحزح عن موقفه المتحفظ عن مدير عام امن الدولة اللواء جورج قرعة الذي استطاع ان يؤلّب حوله رأيا مسيحيا واسعا لا يقتصر على الطيف الكاثوليكي وحده الذي ينتمي اليه قرعة و … مدير جهاز امن الدولة الذي كان من »حصّة« الشيعة مع اللواء فرحات، انتقل الى الكاثوليك إثر انتقال المديرية العامة للامن العام من الموارنة الى الشيعة … نقول لم يقتصر التأليب المسيحي حول قرعة على الكاثوليك وحدهم بل حظي بدعم الاحزاب والوزراء والنواب والمرجعيات الروحية ايضا من مختلف المذاهب المسيحية.
ونعود الى انجازات الاجهزة، خصوصا في مواجهة الارهابيين، وتمتد انجازات مخابرات الجيش الى كشف مخططات العدو الاسرائيلي ايضا وكذلك شبكاته في هذه المرحلة بشكل متصاعد.
ويفترض هنا الاخذ ببعض ما يتطارحه الرأي العام من اسئلة سواء أفي الصالونات ام على قارعة الطريق. وهنا نماذج:
أولا – ما سّر هذه الكثافة في كشف الارهابيين شبكات وخلايا وأفرادا وجماعات؟! وهل هي »مواسم«؟ او تراها حال ذات صلة بتواجد النزوح السوري الكبير في لبنان؟
ثانيا- لماذا يبدو كشف شبكات وادوات التجسس ونشاطات العدو الاسرائيلي وكأنّه وقفٌ على مديرية المخابرات في الجيش اللبناني على العموم، من دون سواها من الاجهزة الاخرى؟
ثالثا واستطرادا – قبل سنوات »تفردت« المعلومات بكشف شبكات التجسس الاسرائيلية والاعضاء العاملين فيها في تواتر غير معقول، لدرجة ان امنيا سابقا قال في حينه: »صرنا كأنّ الدني عمبتشتي جواسيس للعدو الاسرائيلي«. فلماذا توقف اكتشاف »المعلومات« المزيد من تلك الشبكات واولئك العملاء والجواسيس؟ وما صحة ما يتردّد في هذا السياق وهو كثير جدا؟!
رابعا – ما علاقة كشف مخابرات الجيش هذا السيل من الارهابيين شبكات وافرادا وخلايا بمعركة رئاسة الجمهورية المفتوحة على الاحتمالات كلها، وربما على المفاجآت ايضا؟..
ذات زمن، قبل الحرب اللبنانية، وبعد الدور الحربي الهائل الذي حققته طائرات »الميراج« الفرنسية المقاتلة التي كانت العمود الفقري لجيش الحرب الاسرائيلي العدو، اراد الاتحاد السوفياتي، وبالذات المنظومة العسكرية فيه الاطلاع على حقيقة طائرة »الميراج«. وكان لبنان بين بلدان قلّة قد زوّد جيشه بالميراج (اضافة الى الهوكر هنتر البريطانية)… وعلمت المخابرات العسكرية بالرغبة السوفياتية فنصبت فخا لفريق من »الكا جي بي« ومعه ضباط سوفيات كبار واستدرجهم ضباط لبنانيون في المخابرات كانوا من رُتب صغيرة واوقعوهم في مصيدة … وجرى تبادل اطلاق النار، واصاب الضباط اللبنانيون الضباط السوفياتيين بجروح بليغة، وأفشلوا مخططهم الهادف الى الحصول على طائرة ميراج كان مفترضا ان يقودها ضابط لبناني ليحط بها في قاعدة جوية عسكرية سوفياتية او حليفة في احد بلدان اوروبا الشرقية!…
يومها لم يصدق العالم ان شباب المخابرات اللبنانية فعلوها مع الدولة التي كان اسمها يرعب كثيرين: الاتحاد السوفياتي، في عز مجده وعزّ … الحرب الباردة!
والرواية في حد ذاتها تحتاج الى بحث طويل.