ليست ضربة حظ اسرائيلية هي التي ادت الى استشهاد ستة من ابرز مقاتلي حزب الله في القنيطرة السورية، بل هي نتيجة حتمية لعملية استخباراتية، شبيهة بالعملية التي ادت الى استشهاد القيادي في الحزب عماد مغنية، ما يؤكد ان الحرب التي تشنها اسرائيل على حزب الله تتخطى التقليد الى ما فيه من استعداد واعداد فائق النظير لكل ما من شأنه ان يصيب حزب الله في الصميم.
وما يثير التساؤل في هذا الصدد ماهية تكتم الحزب في تحريك كوادره على تخوم فلسطين المحتلة، حيث تختلف الحسابات القتالية عن مثيلاتها في عمق لبنان وسوريا في آن، لان التحرك لا بد وان يكون في سوريا تحت نظر الاستخبارات الاسرائيلية، وهذا الشيء غير مستبعد تماما قياسا على عمليات عسكرية اخرى يبقى ابرزها اغتيال عماد مغنية تحت العين السورية التي عجزت عن ان تؤمن للشهيد دخولا وخروجا مأمونين، لاسيما انه يصدر قائمة المطلوبين من جانب العدو الاسرائيلي بما في ذلك «الشيطان الاكبر اميركا» بحسب دلالات سابقة كان فيها تفوق لحزب الله في مجالات استخباراتية فائقة الدقة؟!
هذه العملية الاسرائيلية لا يرد عليها بحرب كلاسيكية، اي ان الحزب لا بد وان يختار مناسبة اسرائيلية ليأتي الجواب العسكري متكافئا او بحجم اكبر، اضافة الى ان اسرائيل لا بد وان تكون قد اعدت العدة لرد فعل على فعل لحزب الله غير مستبعد، ما يعني بالضرورة ان الضربة الاسرائيلية تحتاج الى ان من يستوعبها في معناها ونتائجها، خصوصا ان المعلقين العسكريين في اسرائيل قد اجمعوا على انتظار ضربة من جانب الحزب قد تدفع الى حرب غير مستبعدة تماما في هذا الوقت الاقليمي الحرج؟!
وفي رأي المراقبين الاسرائيليين انه ليس من مصلحة حزب الله اعلان حرب مكشوفة على اسرائيل كرد فعل على اغتيالها المجاهدين الستة، لان الوقت غير مناسب بالنسبة الى الحال العامة في لبنان، وكذلك الامر بالنسبة الى الحال في سوريا التي لا يناسبها فتح جبهة الجولان في نفس الوقت الذي تعاني منه من حربها الداخلية، والامر عينه قد ينطبق على حزب الله الذي يبدو مكشوفا في بعض مواقعه داخل سوريا الى جانب جيش نظـام بشار الاسد، وهذه الصورة من ضمن الحقائق التي لا تحتمل دحضا باستثناء ما قد يطرأ من معارك هامشية لا تشكل ردا مباشرا على ما حصل، هذا في حال انساقت اسرائيل وراء حرب اوسع من ان تكون محصورة في منطقة القنيطرة السورية او جنوب لبنان؟!
هذا الكلام من ضمن ما يجب ان تكون عليه الحرب الكلاسيكية فيما المعروف عن قدرات حزب الله انها لا بد وان تطاول عمق اسرائيل وعمق لبنان في آن معا، الشيء الذي لا يراه المراقبون في مصلحة اي طرف بما في ذلك حزب الله الذي يتطلع الى رد عسكري موجع يجعل اسرائيل تصرف النظر عن اية عملية من مثل هذا النوع الذي يتطلب اعادة نظر في الاشياء المبهمة على الارض السورية، من جانب استخبارات العدو وعملائه المنتشرين على نطاق واسع كما اثبتت التجارب!
من واجبات حزب الله الرد بمطلق طريقة على الفعل الاسرائيلي الاستخباراتي، شرط معرفة كيف وصلت المعلومات الى العدو ليضرب ضربته الموجعة، الامر الذي يحتاج الى كثير من الوقت قبل ان تتضح للحزب ماهية الصورة التي امنت لاسرائيل معرفة حقيقة نوايا الحزب جراء تحريك عناصرها في منطقة الجولان البالغة الحساسية بالنسبة للعدو الاسرائيلي الذي لا تغمض له عين هناك، من غير ان يعني ذلك ان ضربته الموجعة نتجت عن حظ وليس عن سوء تصرف من جانب عناصر الحزب، وفي الحالين ليس من يستبعد ان وراء ما حصل «عيون مراقبة» تابعة للعدو؟!
ومن الان الى حين معرفة نوعية رد حزب الله، فان المعلومات تؤكد وجود استعداد اسرائيلي لتقبل فكرة الحرب في حال وردت في اذهان قيادة حزب الله، مع الاخذ في الاعتبار ابعاد ومعاني وجود عناصر قوة دولية مكشوفة في جنوب لبنان، من الصعب بل من المستحيل تجاهلها بالنسبة الى اية حماوة طارئة، ما يحول دون الرد من لبنان وحصره موقتا على ما هو متوفر على الارض السورية، من غير ان ننسى حال التشتت التي يعانيها نظام بشار الاسد الذي يبحث عمن يهدئ له مطلق جبهة كي يمنع احتدام المعارك على مشارف العاصمة دمشق، بحسب ما سبق حصوله في مناسبات مماثلة!
السؤال لا بد وان يبقى مطروحا: كيف سيرد حزب الله على ضربة القنيطرة الموجعة، وهل صحيح ان الظروف غير مناسبة في الوقت الحاضر، وما اذا كان العدو قد ضرب ضربته لافهام اليهود انه قادر على حرية الحركة امام حكومة بنيامين نتانياهو التي تعد العدة لاجراء انتخابات نيابية تكفل لها تعزيز مواقعها في الداخل وفي المحيط.