استغرب كثيرون ردّ فعل دولة الرئيس نبيه بري على كلام غبطة البطريرك بشارة الراعي عن السلّة التي رفضها من خلال تساؤلات حول دستوريتها وميثاقيتها، وفي تقديرنا أن الأمر تجاوز مجرّد الإستغراب ليصل الى حدّ الغضب عند البعض، وأقله الإنتقاد عن معظم المسيحيين، موارنة وغير موارنة، ناهيك بالرفض المعلن (مسبقاً) لدى الطائفة السنيّة بكل ما يتعلق بالسلّة.
والتساؤل بات مشروعاً: هل أن دولة رئيس مجلس النواب تسرّع في رده… خصوصاً وانه كان بإمكانه أن يكتفي بالرد على «سلّة الأشخاص» بـ«سلّة الأفكار» من دون التسرّع في البضع كلمات التي ختم بها وهي «من دون المس بالكرامات». خصوصاً وان الرئيس بري معروف بمرونته وقدرته على الإستيعاب قدر ما تُعرف عنه اشياء أخرى كثيرة (…).
فهل يفوت رئيس مجلس النواب المزمن، والمتربّع على رئاسة مجلس، استلب الوكالة الشعبية مرّتين (بالتمديد المزدوج) ولم يعقد جلسة واحدة بالرغم من أن دولته، نفسه، قال في معرض حماسته للتمديد: إن الحقبة الممدّدة ستكون منتجة، وستكون الجلسات فيها متتالية (…) والواقع على الأرض يكشف أن شيئاً من ذلك لم يحصل… هل يفوته أنه تسرّع في أسلوب الرد على البطريرك؟
في أي حال هل وقع دولته (ونقولها بصدق ومحبّة) في فخ نُصب له لاستدراجه الى حيث يبدو أنه الذي يقف في وجه المسيحيين في لبنان، بداية في تعطيل وصول القيادة المسيحية الكبرى الى الموقع المسيحي الأول كما يصل السني والشيعي، ثم في التصدّي للمرجعية المسيحية الكبرى التي من حقها أن تبدي رأياً لا يتفرد الموارنة ولا المسيحيون في ابدائه، بل المسلمون أيضاً وخصوصاً السنّة…
والسؤال: لماذا لم يرد الرئيس بري على الإنتقادات الحادة التي صدرت عن تيار المستقبل ضدّ السلّة، وحصر رده في بكركي، وخاتمة الرد كانت (ولا تزال) غير مقبولة، خصوصاً وانها خارج الأسلوب «النبيه» الذي اعتمده رئيس المجلس.
بداية كان البطريرك قد سأل: «كيف يقبل أيّ مرشّح للرئاسة الأولى، ذي كرامة وإدراك لمسؤولياته، أن يُعرّى من مسؤولياته الدستورية بفرض سلّة شروط عليه غير دستورية، وأن يحكم كأداة صمّاء؟ هذا إذا ما كان الأمر للمماطلة بانتظار الوحي وكلمة السرّ من الخارج (…)
واضح أن غبطته يشجّع الأفكار («الجهود») التي يقودها الرئيس سعد الحريري ومآلها وصول العماد ميشال عون الى الرئاسة… فهو أضاف قائلاً: «مع تقديرنا الكامل وتشجيعنا للجهود الساعية الى إنتخاب رئيس للجمهورية، والتي نرجو لها النجاح في أسرع وقت ممكن، يتكلمون عن سلّة تفاهم كشرط وممر لانتخاب رئيس، هل هذه السلة تحل محل الدستور والميثاق الوطني؟ إن التقيد بالدستور، حرفاً وروحاً وبالميثاق يغني عن هذه السلّة».
أما رد دولته فجاء كالآتي موجهاً كلامه الى غبطة البطريرك: بين سلّة الأشخاص التي اقترحتم وسلّة الأفكار التي قدمتها أترك للتاريخ ليحكم أيهما الدستوري، من دون المس بالكرامات.
إن أحداً لا يملك أن يخاطب بطريرك الموارنة بهذا الأسلوب، غبطته سأل بالدستور والميثاق فليكن الجواب بالدستور وايضاً بالميثاق.
إن الرئيس نبيه بري ذو خبرة كبيرة وهو، من دون أدنى شك، بوصلة في السياسة اللبنانية. ولقد إستطاع أن يمتص ازمات كبرى من خلال الحوار الوطني الذي رعاه منذ العام 2006 حتى اليوم (وايضاً الحوار الثنائي بين «المستقبل» وحزب اللّه)…. لذلك مازلنا نعتقد أنها غلطة الشاطر التي هي بألف.