وبري يُركّز على تفعيل عمل مجلس النواب بدءاً بإقرار سلسلة الرتب
تغييب فريق وازن عن لقاء بعبدا فتح مشكلة داخلية جديدة أمام العهد
بعد انقضاء إجازة عيد الفطر، التي عطّلت معها جلسة مجلس الوزراء الأسبوعية، عادت الحياة السياسية، تدب في جسم الدولة، على وقع ورشة تحصين الاستقرار الاقتصادي والمالي والمعيشي بأولوياتها الداهمة، وفي مقدمها إقرار الموازنة العامة، وسلسلة الرتب والرواتب وغيرهما من الملفات المرتبطة مباشرة بيوميات اللبنانيين ترجمة للقاء بعبدا الذي ضم رؤساء الأحزاب والكتل النيابية الممثلة في حكومة استعادة الثقة.
وفيما تشكل عودة الرئيس سعد الحريري إلى بيروت بعد إجازة عيد الفطر، مناسبة متاحة لتحريك كل هذه المعلومات عبر اطلاقه مشاورات واسعة مع رئيسي الجمهورية ومجلس النواب العماد ميشال عون ونبيه برّي والذين شاركوا في لقاء الخميس الذي عقد في بعبدا عشية عطلة الفطر لوضع ما صدر عن هذا اللقاء موضع التنفيذ حيث يحرص رئيس الجمهورية على تفعيل عمل الحكومة بالتعاون التام مع رئيسها وكل القوى السياسية لدرس وإقرار مشاريع القوانين التي هي على تماس مباشر وحياة المواطنين.
وفي هذا الصدد شدّد الرئيس برّي في لقاء الأربعاء النيابي على ضرورة الانصراف إلى معالجة قضايا النّاس الحياتية والمعيشية، لافتاً إلى ان مجلس النواب مقبل على ورشة عمل في إطار درس وإقرار المشاريع واقتراحات القوانين، ولا سيما الحيوية والملحة منها، وفي مقدمها سلسلة الرتب والرواتب موضحاً أنه بعد أن تنجز لجنة المال والموازنة درسها سيُصار إلى ادراجها على جدول أعمال الهيئة العامة للمجلس لمناقشتها واقرارها.
تجدر هنا الإشارة إلى انه سبق للهيئة العامة ان درست مشروع السلسلة وأقرّت معظم بنوده ثم توقفت بعد الاعتراضات الشعبية الواسعة عن فرض ضرائب جديدة لتغطية نفقات السلسلة من شأنها ان ترهق كاهل المواطن.
وكان لافتاً للمراقبين السياسيين تجاهل رئيس مجلس النواب لورقة العمل التي أعدها رئيس الجمهورية ووافق عليها بالإجماع لقاء الخميس، ما أعطى انطباعاً عاماً لدى هؤلاء بأن الرئيس برّي لا يعطي أهمية لهذه الورقة التي هي في الأساس شأن بحت حكومي وتدخل في صلب عملها التي تشمل كل الملفات التي أتت على ذكرها هذه الورقة، وكان بإمكان رئيس الجمهورية ان يدلي بها في احدى جلسات مجلس الوزراء ويتمنى على الحكومة أن تعرها العناية المطلوبة، بدلاً من أن يدعو إلى شبه مؤتمر تأسيسي يتولى بنفسه معالجة مختلف شؤون النّاس ثم يطلب من الحكومة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بوضعها موضع التنفيذ، ثم ان لقاء الخميس فتح مشكلة داخلية جديدة بتغييبه فريقاً وازناً ترددت اصداؤها على غير صعيد وما زالت تتفاعل بالرغم من أن لقاء الخميس ليس له أية صفة اجرائية أو تنفيذية وهو لا يتعدى كونه صادراً عن ممثلي الوزراء المشاركين في الحكومة.
وفي السياق عينه ينقل زوّار بعبدا عن رئيس الجمهورية انه أراد من لقاء الخميس وضع رؤساء الكتل النيابية والأحزاب المشاركين في الحكومة في صورة الأوضاع العامة المتردية على جميع الصعد الاقتصادية والمالية والمعيشية وضرورة حث الحكومة على وجوب تفعيل عملها لوقف التدهور الكبير في الملفات التي أتت على ذكرها ورقة العمل التي اعدها القصر الجمهوري وليس بهدف الحلول محل الحكومة التي تولي كل ما ورد في الورقة كل اهتمامها خصوصاً وأنها لحظت في البيان الوزاري الذي نالت ثقة المجلس النيابي والذي جعل رئيسها يُطلق عليها حكومة استعادة الثقة، وبقدر ما يكون ما نقله زوّار بعبدا عن رئيس الجمهورية دقيقاً بقدر ما تنحصر مفاعيل وتداعيات لقاء الخميس على الاسترخاء السياسي الذي بدأ بعدا توصل الأفرقاء إلى تلك التسوية التي انتجت قانون انتخاب هجيناً وبالغ التعقيد يتطلب وقتاً قد يتجاوز الأحد عشر شهراً مُـدّة التمديد للمجلس النيابي لاستيعابه ليس من قبل الناخب بل من قبل الإدارة التي ستتولى شؤون الاشراف على الانتخابات العامة.
وفي انتظار سلسلة اللقاءات التوقع ان تشهدها الأيام المقبلة بين الرؤساء الثلاثة لا يزال خطاب الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله يتفاعل على غير صعيد داخلي، بعدما اعتبرته أوساط مقربة من تيّار «المستقبل» انه شكل ضربة للعهد الذي حاول منذ انطلاقته إعادة الحياة إلى مجاريها مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وكلام السيّد يدل على انه لا يزال يرى نفسه أكبر من الدولة اللبنانية، فسياسة النأي بالنفس التي يعتمدها العهد والحكومة لا تعنيه ولا يرى نفسه محرجاً في تجاهلهما عندما يكون الأمر ذا بعد استراتيجي، الأمر الذي ينعكس سلباً على هيبة الدولة اللبنانية، وعلى نظرة الدول ذات السيادة إليها، وذكرت هذه الأوساط العهد بوجوب العودة إلى موضوع سلاح الحزب وإلى الدفع في اتجاه احياء حقيقة الحوار لوضع الاستراتيجية الدفاعية.