IMLebanon

أسعار الفوائد تُسقط الحلول المُقترحة لأزمة الإسكان

 

كان اقتراح القانون المعجل المكرّر الذي تم تقديمه الى المجلس النيابي كحلّ لأزمة الاسكان، سيكون مجدياً أكثر، لو تمّ اقراره وتطبيقه قبل أزمة استقالة الرئيس سعد الحريري في تشرين الثاني الماضي، وهو التاريخ الذي أطلق شرارة ارتفاع اسعار الفوائد في لبنان.

اختلف الوضع اليوم عما كان عليه قبل 9 أشهر. إذ واصلت أسعار الفوائد الارتفاع ولو بشكل غير رسمي. هذا الوضع المستجد، يجعل الحلّ المقترح لأزمة القروض السكنية من خلال اقتراح القانون الذي قدمته كتلة المستقبل، غير مجدٍ كثيرا بالنسبة الى ذوي الدخل المتوسط والمحدود.

يحدّد اقتراح القانون المذكور، سقفاً لنسبة دعم فوائد القروض التي ستمنحها المؤسسة العامة للاسكان عبر المصارف، يبلغ 5% من مقدار هذه الفوائد. وبالتالي، وفي لغة الارقام، فان الفوائد التي قد تعتمدها المصارف في حال أطلقت قروضا سكنية مدعومة بالليرة اللبنانية، لن تقلّ عن 13 في المئة كحدّ ادنى. علما ان المصارف تعطي قروضا سكنية حاليا بالدولار فقط بفوائد لا تقلّ عن 8,5%.

من المفترض ان تعمد المصارف الى تحديد نسبة 13% كحدّ ادنى لفوائد القروض السكنية، لأنها ستربط تسعير الفائدة بسعر الفائدة المرجعية على الليرة اللبنانية BRR والمحددة اليوم بحوالي 11 في المئة + نسبة 2% ربح المصارف، لتصل الفائدة الى 13%.

ولكن فعلياً، لا تملك المصارف حافزاً لاعطاء قروض سكنية بفائدة 13 في المئة، لأن حرب جذب الودائع القائمة بين المصارف اليوم، دفعت بعضها الى اعطاء فوائد تصل الى 15 و 16% على الودائع بالليرة اللبنانية، وبالتالي، فان المصارف لن تمنح قروضا سكنية بفوائد اقل من اسعار الفوائد التي تدفعها لأصحاب الودائع.

واذا ما قررت المصارف منح قروض سكنية بالليرة، فان اسعار الفوائد ستتراوح بين 13 و15%، وستستردّ دعماً من الدولة يبلغ 5%، لتصبح الفائدة النهائية على المواطن، صاحب القرض السكني، 8 في المئة بالحد الأدنى ويمكن ان تصل الى 10 في المئة او اكثر. وفي النتيجة، ستبقى هذه الفائدة بعيدة جدّا من سعر الفائدة التي كان يؤمّنها مصرف لبنان من أجل دعم القروض السكنية والتي لم تتجاوز يوماً الـ 4%!

لحود

في هذا الاطار، اوضح مدير عام المؤسسة العامة للاسكان روني لحود لـ»الجمهورية» ان المصارف تتعاطى بايجابية مع اقتراح قانون حلّ أزمة الاسكان، ولم تبدِ أي اعتراضات كما لم ترفع أي مطالب في هذا الخصوص. وقال ان الاطراف المعنيّة بآلية الحلّ المقترحة، (الدولة، مؤسسة الاسكان والمصارف) تنتظر إقرار القانون في المجلس النيابي للبدء في تطبيقه.

وشرح ان تحديد سقف للدعم المحدد بنسبة 5 في المئة، يجزم بأن الدولة لن تدعم سوى 5 في المئة من الفائدة التي ستفرضها المصارف على القروض السكنية، مما قد يحث الاخيرة على عدم رفع الفوائد كثيراً وابقائها ضمن نطاقات مقبولة.

كما اوضح ان تحديد سقف لنسبة الدعم يأتي في اطار الضوابط التي وضعتها الدولة وهي:

– منح القروض عبر المؤسسة العامة للاسكان لضمان توجهها لذوي الطبقة المتوسطة والفقيرة.
– تحديد نسبة الدعم لعدم فتح المجال امام التلاعب باسعار الفوائد.

وقف القروض

من جهة اخرى وحول اعلان المؤسسة العامة للإسكان مؤخرا عن وقف قبول أي طلب قرض سكني جديد حتى إشعار آخر على الرغم من ان القروض السكنية متوقفة منذ فترة، اوضح لحود: «اصدرنا هذا التعميم لحماية المواطن وتنبيهه من عدم امكانية تقديمه لطلب قرض سكني، بالاضافة الى منع اي امكانية لتلاعب بعض المصارف بطلبات القروض السابقة، عبر الغاء عدد منها واستبدالها بطلبات جديدة تلبية لمصالح زبائنها من مطورين عقاريين وغيرهم. كما اشار الى ان الاعلان عن وقف قبول أي طلب قرض سكني جديد، مقصود منه تسليط الضوء أكثر على الأزمة وقطع الشك باليقين بأن القروض السكنية المدعومة متوقفة بشكل نهائي.

بوعاصي

وفي اطار السعي للتوصل الى حل مستدام لأزمة قروض الاسكان، زار وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الاعمال النائب بيار بو عاصي امس، رئيس جمعية المصارف جوزيف طربيه يرافقه مدير عام المؤسسة العامة للاسكان روني لحود.

وأكد بو عاصي «ان هذا الاجتماع يهدف الى النظر سويا كقطاع رسمي، بصفته الوزير الوصي على المؤسسة العامة للاسكان، وكقطاع خاص متمثل برئيس جمعية المصارف في كيفية مقاربة القروض السكنية المدعومة».

قال: «اتفقنا انه موضوع اجتماعي وانساني ولكن هو ايضا موضوع اقتصادي، فالركود الذي حصل منذ توقف دعم القروض الاسكانية واضح وكذلك انعكاساته على القطاعات كافة. انا كوزير وصاية من واجبي ان اطرح كل فكرة قد تساهم بالحل.

فقد طلبت حصر القروض المصرفية بشروط المؤسسة العامة للاسكان كي يكون لدينا سياسة اسكانية واضحة تستهدف الشباب ذوي الدخل المحدود ونخرج من القروض المدعومة بقيمة كبيرة وقد لامس بعضها 800 الف دولار والتي ادّت الى تدهور القدرة على تمويل القروض».

اضاف: «هناك شركاء يجب المرور بهم من بينهم المصارف، لذا جاءت هذه الزيارة كي تكون المصارف مساهمة معنا باعادة اطلاق عمل الاسكان والقروض المدعومة. من الاساس آمنت بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، ومنذ بداية الأزمة ركّزت على أهمية هذه الشراكة وتحديدا بين المواطن والمصرف والدولة التي يمكن بشكل او بآخر ان تدعم هذه القروض. وكان من اقتراحاتنا الاعفاء من الضرائب او خلق حوافز للمصارف».

وكشف بو عاصي انه ستكون له محطات اخرى ضمن جولته المستمرة مع شركاء آخرين في مجال الاسكان «للخروج بأفضل تصوّر يكون مستداما يستمر للسنوات المقبلة، ويسمح للشباب من ذوي الدخل المحدود بتملّك منزل، كما يعزّز ثقة المصارف بهذه العملية فتكون شريكة كاملة فيها وتسمح للمهندسين وتجار البناء والقطاعات المعنية باعادة اطلاق هذه العجلة للاقتصاد اللبناني».

وردا على سؤال، اشار بو عاصي الى انه لم يتم البحث باقتراح القانون المعجل المكرر التي تقدمت به كتلة المستقبل «بل بالنقاط التي نتحدث عنها منذ حصول الأزمة لدرس عناصرها بشكل جدي ومستدام وطرحها بالشكل الانسب لدعم القروض».

تابع: «نحن في طور دراسة الاعفاء الضريبي للمصارف لذا اجتمعنا مع رئيس جمعيتها للأخذ برأيها، فهي مؤسسات تجارية ناجحة في لبنان واي شراكة معها تتطلب بحثا جديا. وبعد استطلاع رأيها سنواصل جولتنا على كل قطاعات الدولة المعنية كي نبني تصورا واضحا وشراكة حقيقية».

ختم بو عاصي: «يهمنا النتيجة وليس من قدم اولا اقتراح قانون او حل، فهدفنا الاساسي حصول المواطن على قرض لشراء شقة سكنية وقيام سياسة اجتماعية واسكانية صلبة ومستدامة وناجحة في لبنان».