ليس التحدي وفق أي قانون ستجري الإنتخابات النيابية، بل كيف سيستفيق لبنان في اليوم التالي لهذه الإنتخابات؟
بمعنى آخر، في ظل وجود رئيس أم عدم وجود رئيس؟
فمسألة القانون ليست أساسية في الظروف الإستثنائية التي نمر فيها، فهناك قانون قائم يمكن إجراء الإنتخابات النيابية على أساسه، وفي حال كان هناك إجماع على رفضه، فهذا الإجماع يمكن صرفه في اتجاه إيجاد قانون بديل له. وإذا صفت نيات النواب وقرروا التوافق على قانون جديد فليس أمامهم سوى ثلاثة أشهر، لأنه اعتباراً من مطلع كانون الأول المقبل يكون البلد قد دخل في الوقت القاتل بالنسبة إلى إنجاز قانون جديد.
هكذا تبدو مروحة الخيارات:
إما القانون المعمول به، وإما قانون جديد، وفي الحالتين وزير الداخلية نهاد المشنوق جاهز لإجراء الإنتخابات وفق أي قانون.
ليبقى السؤال الأساسي:
ماذا عن اليوم التالي للإنتخابات؟
البسطاء وهواة السياسة هُم الذين يعتقدون بأنَّ الوزير نهاد المشنوق لم يطرح على نفسه هذا السؤال قبل أن يغامر بالتصريح الذي قال فيه:
إنَّ الإنتخابات ستجري في موعدها. ولهذا الكلام إحتمالان:
إما أن الوزير المشنوق يهوى الفراغ ويريد أن يراه في اليوم التالي للإنتخابات، وإما انه إحتاط معلوماتياً ليتبيّن لديه أنَّ هناك رئيساً للجمهورية قبل الإنتخابات النيابية.
كيف يمكن استشفاف أو استكشاف هذه الإحاطة؟
في آخر أيار الفائت، وفي مؤتمر صحافي لتقييم العملية الإنتخابية البلدية والإختيارية، سئل الوزير المشنوق:
ما هي احتمالات إجراء انتخاب رئيس للجمهورية قبل الإنتخابات النيابية؟
فأجاب:
الأمر صعب وليس مستحيلاً، فأنا ما زلت أراهن أنّه قبل الإنتخابات النيابية سيكون هناك انتخابات رئاسية. وهذا أمر جدي.
ثم في الثاني من حزيران، وفي البرنامج الحواري الناجح كلام الناس مع الأستاذ مرسال غانم، وعلى طريقته العفوية ولكن المدروسة، قال الوزير المشنوق:
الآن ليس هناك شيء. قد يكون قبل رأس السنة ولكن الآن صعبة كثيراً.
ثم في مقابلة له هذا الشهر، أكد أنّه ما زال مصرّاً أنَّ انتخاب رئيس للجمهورية سيتم قبل نهاية العام.
حتماً لا ينطلق الوزير المشنوق من فراغ في ما يُصرُُّ عليه، هو يعرف أنَّ انتخابات الرئاسة في لبنان شأنٌ دولي وعربي وإقليمي، بمقدار ما هو محلي، وتأسيساً على ذلك فإنَّ إستحقاقات دولية ستسبق الإستحقاق اللبناني، ويأتي في مقدمها انتخاب رئيس جديد في الولايات المتحدة الأميركية، ثم تبلور المسار الإنتخابي في فرنسا، أما في المنطقة فيكون الوضع في سوريا قد وُضِع على سكة الخروج من مخرج الحرب، وعليه لا يمكن إبقاء الوضع في لبنان كخاصرة ضعيفة. وربما إنطلاقاً من هذه المعطيات يستشعر الوزير المشنوق بأنَّ الإنتخابات الرئاسية قبل نهاية السنة.
… نعرفه كامل المعرفة لا ينطلق من فراغ.