حتى الآن، يراهن بعض المعارضين على الحصار الدولي والعربي المفروض على حكومة حسان دياب، فقط لأنّها مدعومة من محور الثامن من آذار، ومنزوعة الغطاء من الفريق المقابل الذي تمثّله المكونات السابقة لقوى الرابع عشر من آذار، ولو أنّ بين هؤلاء ما يكفي من خلافات لكي لا يتفقوا على مقاربة واحدة لكيفية التعاطي مع الحكومة.
يزداد يقينهم أنّ الأيام المقبلة ستثبت أنّ “هوية” الحكومة ستزيدها عزلة “في زمن الكورونا”، ما يضعها أمام خيارات صعبة، أحلاها مرّ، خصوصاً وأنّ الانهيار الاقتصادي والمالي سيصعّب عليها المهمة، وسيرفع من درجة حاجتها إلى الدعم الخارجي، والذي كانت تقدمه دول الخليج على مرّ السنوات… فيما هذه الدول، وتحديداً الممكلة العربية السعودية تدير اليوم ظهرها للبنان، وتتعامل معه من زاوية واحدة فقط: الصراع الاقليمي مع إيران.
ولعل هذه المعادلة هي التي دفعت رئيس الحكومة حسّان دياب إلى رفع صوته شاكياً من تحريض يمارسه البعض على حكومته. ذهب إلى حدّ التصويب المباشر على “ناس عملهم محصور بمحاولة تشويه صورة هذه الحكومة وهمهم أن تفشل… هناك جهة، أو جهات، تمارس الألاعيب، ومحاولات تشويه الحقائق والتزوير والتزييف والاستهداف الشخصي… أكثر فإن هذه الجهات تحرض على البلد، وتحاول قتل كل أمل بإنقاذه وتخفيف الضرر عن اللبنانيين، الذي تسببت به ممارسات على مدى 30 سنة”.
لم يسمّ دياب من يقف وراء هذه الحملة أو من هو المستفيد منها، لكنه بالنتيجة، يتطلع إلى خرق “البلوكات الاسمنتية” المرفوعة خارجياً حول الحكومة، والتي يحاول البعض، بنظره، “تدعيمها” بـ”الحديد والصلب”.
حتى الآن، لم يحاول رئيس الحكومة طرق أبواب الخليج على المستوى الرسمي، ولو أنّ الكثير من الأصدقاء المشتركين سعوا إلى جسّ النبض وفكّ “الشيفرة” السعودية، وتالياً خرق الحصار السياسي. هو عملياً، ينتظر الانتهاء من الخطة الانقاذية المالية – الاقتصادية التي سيصار إلى وضعها لمواجهة استحقاق الدين، باستحقاقه القريب في التاسع من آذار المقبل، قبل أن يوجّه أنظاره إلى البقعة الخليجية طلباً للودّ. وعلى أثر جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، أعلنت وزيرة الاعلام منال عبد الصمد أنّه “بعد الانتهاء من معالجة الملف المالي، سنسعى للتعاون مع الدول العربية لمساعدة لبنان. ونتمنى أن نقوم بأول زيارة في النصف الثاني من شهر آذار”.
وبالانتظار، يبدو أنّ أول الخروقات بدأ يُسجّل في الملعب الخليجي. فعلى هامش مشاركته في مؤتمر مجلس وزراء الداخلية العرب الذي عقد في تونس، والتي لم يتردد خلالها من التذكير بالتحديات الاقتصادية والمالية التي تواجه الحكومة، تمكّن وزير الداخلية محمد فهمي من عقد لقاءات ثنائية مع العديد من نظرائه العرب، لكن الصورتين اللتين سرقتا الاهتمام، هما اللتان وثّقتا اجتماعيْه، مع نظيره السعودي الامير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز، والإماراتي الشيخ سيف بن زايد آل نهيان.
يؤكد فهمي لـ”نداء الوطن” أنّ كل لقاءاته اتسمت بالايجايبة لا بل “كانت ممتازة نظراً للانفتاح على التعاون الذي أبداه كل وزراء الداخلية الذين التقاهم، خصوصاً وأنّ لبنان أثبت جدارة في مجال الأمن الاستباقي وكان موضع اشادة من العديد من المشاركين في المؤتمر”.
أما في السياسة، فلفت إلى أنّ اللقاءين مع الوزيرين السعودي والامارتي هما بحدّ ذاتهما إشارة ايجابية من قيادتي الدولتين، خصوصاً وأنّ الموعد مع الوزير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز، حدد قبل وصول فهمي إلى تونس، ما يرفع من منسوب الدلالة السياسية بنظره.
واذ يرفض الخوض في تفاصيل النقاشات، لا ينفي في المقابل نقله مناخاً معيّناً من رئيس الحكومة إلى القيادة السعودية، لافتاً إلى أنّ اللقاء مع نظيره السعودي اتّسم بالود والايجايبة خصوصاً وأنّ الأخير أكد خلال اللقاء حرص المملكة على الوقوف إلى جانب لبنان.
يذكر، أنّه على غرار المؤتمرات السابقة، شارك مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان إلى جانب وزير الداخلية محمد فهمي، في أعمال المؤتمر.