من خلال توجه رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى طرح ملف قانون الانتخاب على طاولة الحوار الوطني في الجلسة المقبلة في 21 الجاري، يبدو بوضوح أن اللجان النيابية المشتركة التي تبحث في هذا القانون، ما عادت قادرة على استكمال مهمتها، بحكم أن جلساتها أشبه بدوران في الحلقة المفرغة، فلا تقارب في وجهات النظر في ما يتعلق بشكل القانون العتيد، باعتبار أن كل طرف يقيس الأمور من زاوية مصالحه السياسية والانتخابية، وبالتالي يستحيل أن تثمر اجتماعات اللجان عن توافق ولو بالحد الأدنى على هذا القانون، ولذلك فإن الرئيس بري المستعجل على إقرار قانون جديد للانتخابات لأنه لا يريد التمديد للمجلس النيابي مرة ثالثة أو إجراء الانتخابات النيابية على أساس قانون «الستين»، يريد أن تتحمل الأطراف جميعها مسؤولية التوافق على قانون جديد لإجراء الاستحقاق النيابي على أساسه عندما يحين موعده.
واستناداً إلى المعلومات المتوافرة لـ«اللواء»، فإن الرئيس بري الذي سيطرح مشروع القانون الذي أعدته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي على المتحاورين، إلى جانب اقتراحات قوانين أخرى، سيدعو هذه الأطراف إلى بذل جهود استثنائية لتجاوز الخلافات التي تعترض التوصل إلى القانون المنتظر، بالنظر إلى التداعيات السلبية لعدم حصول الانتخابات النيابية وتعذر الاتفاق على قانونها، خاصة وأن رئيس المجلس ينظر بعين الريبة إلى أن هناك من يرفض قانون «الستين» في العلن، لكنه لا ينزعج إذا تم اعتماده، وبالتالي فإن مصداقية القوى السياسية تتجلى تالياً في قدرتها على تجاوز خلافاتها، توصلاً إلى صيغة توافقية تؤمن تمثيلاً صحيحاً ومتوازناً لجميع اللبنانيين ولا تشكل استفزازاً لأحد.
وإذا كان الرئيس بري يريد دق ناقوس الخطر من مغبة ما يتهدد البلد، إذا عجزت القوى السياسية عن إقرار قانون جديد، فإن المعطيات الراهنة لا توحي بكثير تفاؤل بقدرة القوى السياسية على التفاهم على قانون جديد للانتخابات النيابية، ما يمهد الطريق أمام قانون الدوحة النافذ، بالرغم من الأصوات المعترضة، في مقابل وجود مؤيدين له في العلن والسر، للعودة إلى الواجهة وتالياً لإجراء الاستحقاق النيابي على أساسه إذا تعثر التوافق على البديل، لأن الجميع حينها سيوضعون أمام الأمر الواقع والقبول به إذا اقترب موعد هذا الاستحقاق وكان هناك رفض كبير للتمديد مجدداً للمجلس النيابي.
وأبلغت أوساط نيابية في قوى «14 آذار» مشاركة في جلسات الحوار، «اللواء»، أن «14 آذار» ستبلغ الرئيس بري استعدادها للسير بإنجاز قانون جديد للانتخابات، لأن هذا هو موقفها الدائم والمعلن عنه وما تقوله في اجتماعات اللجان المشتركة، ولذلك فهي ترى في القانون المختلط القادر وحده على معالجة هواجس الأطراف، كونه يجمع بين الأكثري والنسبي، ولا يشكل استفزازاً لأي فريق، خلافاً لما يطالب به «حزب الله» من اعتماد النسيبة الكاملة التي لا يمكن القبول بها في ظل استمرار تمسكه بسلاحه، مشددة على أن لا مفر من اعتماد المختلط إذا كان فعلاً هناك من يسعى جدياً لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها، باعتبار أن الإصرار على النسبية وحده يخفي فعلاً توجهاً لإبقاء «الستين» الذي لا يزال يفضله البعض على غيره من القوانين الموجودة أو التي قد يصار إلى إقرارها.
من هنا، لا تجد الأوساط سبيلاً للخروج من هذا المأزق، إلا بضرورة أن تبادر كل الأطراف إلى تقديم تنازلات، تفضي إلى حصول اتفاق ولو بحده الأدنى على قانون جديد، يجدد الحياة السياسية ويفعّل أداء مجلس النواب، بالتوازي مع إنجاز الاستحقاق الأهم المتمثل بحصول الانتخابات الرئاسية، حيث أنه لا يمكن أن يستقيم العمل السياسي وتمارس المؤسسات الدستورية والأمنية دورها، إلا بوجود رئيس ورأس للدولة، يأخذ على عاتقه إعادة التواصل بين اللبنانيين وإنقاذ البلد من المخاطر التي تتهدده، في ظل الصراع الدموي الدائر في الإقليم.