Site icon IMLebanon

حوار داخلي بعد الإنتخابات بدعم عربي ــ أوروبي ومُباركة فاتيكانيّة لرسم خارطة المرحلة

ضبط تداعيات نتائج ما بعد 15 ايار… ورشة عمل وإصلاحات وجهود مع صندوق النقد –

 

لم تصل طاولات الحوار التي عُقدت في لبنان على مرّ عقود من الزمن، الى اكثر من المصافحة وتوزيع القبل والابتسامات المتبادلة، امام كاميرات التصوير لنقل العلاقات الودّية والصداقات بين السياسيين المتناحرين فقط في مجلس النواب واجتماع مجلس الوزراء، وبمَن يتباهى اكثر بالدفاع عن حقوق المواطنين، لذا لم تكن الانظار موجّهة بقوة الى تلك الطاولات، التي لم تنتج سوى ورقة تحوي بنوداً لم تطبّق في معظم الاحيان، اذ كان دورها يقتصر فقط على جمع الاضداد ضمن عنوان واحد هو الحوار، الذي لم يكن في أي مرّة ديبلوماسياً، بل خلافات وانقسامات بين الافرقاء السياسيين، علّهم يصلون الى تفاهم يخفف من عبء الازمات السياسية السائدة، لكن لم يتحقق شيء من هذا كله.

 

اليوم، وفي ظل تردّي الاوضاع بشكل غير مسبوق، وبالتزامن مع انهيارات بالجملة، تبدو الانظار شاخصة فقط على طاولة مجلس الوزراء، علّها تقوم ببعض الانجازات المنتظرة، اقله وقف تفاقم الغرق والتفاوض المثمر مع صندوق النقد الدولي، وما يتبعه من مهام من شأنها انتشال البلد، والاتفاق على إنقاذ ما تبقى من لبنان المشلّع.

 

وفي هذا السياق، لا بد من التذكير بما حصل قبل اشهر، وتحديداً في اواخر كانون الاول الماضي، حين دعا رئيس الجمهورية ميشال عون الى حوار وطني عاجل، من اجل التفاهم على ثلاث مسائل، والعمل على إقرارها لاحقاً ضمن المؤسسات، هي : اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة، الاستراتيجية الدفاعية لحماية لبنان، وخطة التعافي المالي والاقتصادي، فكانت المفاجأة انها لم تلاق الاقبال والموافقة من قبل بعض الاطراف السياسية، التي اعتبرت حينذاك أنّ الحوار سيكون لزوم ما لا يلزم، ولانّ المكتوب عادة يُفهم من عنوانه، فبالتأكيد لا نفع لهذه الطاولة، وفق ما تذكّر مصادر سياسية مقرّبة من العهد، وتقول: « لطالما جمعت طاولات الحوار الاضداد من دون اي خاتمة سعيدة، لكن الظروف تختلف اليوم في ظل ما نعيشه من ويلات وكوارث، خصوصاً ان السياسة اليوم تضّم لاعبين محترفين يعرفون ماذا يفعلون، ومع ذلك يتابعون عرقلتهم لوطن مثقل بالهموم والمصاعب والمآسي، الامر الذي وضع تلك الدعوة في محلها، وفي توقيت صعب دارت فيه الاشتباكات على جميع محاور اهل السلطة، التي تسير بين ألغام بعضها، لكن الرفض اتى ليزيد الطين بلّة، ولربما لو حصل ذلك الحوار، لكان اعطى ولو بصيص نور، اقله بوقف السجالات والاتهامات المتبادلة بين اهل الحكم، ما يطرح اسئلة عن سبب كل تلك الاحقاد وسط هذه العقبات، مع ما سبقها من عرقلة منذ تشكيل الحكومة الميقاتية التي وُلدت بأعجوبة.

 

وعلى خط مختلف يعطي بعض الامل وإن اتى من الخارج، تنقل المصادر المذكورة عن سفير غربي قوله « انّ الأولوية اليوم للانتخابات النيابية لإعادة إنتاج سلطة جديدة، وانّ إجراءها ضرورة لن يسمح المجتمع الدولي بحدوث أي عرقلة لها، او تأجيلها مهما حصل»، كاشفة أنّ «حواراً يتحضّر للداخل اللبناني، بعد الانتهاء من الانتخابات النيابية في ايار المقبل، وبدعم عربي – اوروبي ومباركة فاتيكانية لرسم خارطة المرحلة المقبلة، التي ستنتج اكثرية نيابية من المرجّح ان تكون ضمن محور فريق 8 آذار، وفق الاحصاءات التي جرت مؤخراً، لكن لا شيء ثابتاً في هذا الاطار، وقد تحدث مفاجآت ولربما يكون الشوط الانتخابي في صف الاعتدال والمناصفة او القريب منها، لتبدأ عندها ورشة العمل والاصلاحات، وفي مقدمها العمل الفعلي مع صندوق النقد الدولي، فهذا هو الحوار الاساس ولا بديل عنه».

 

وابدت المصادر المذكورة استغرابها من كيفية مشاركة اغلبية السياسيين اللبنانيين، حين يكون الحوار مطلوباً من الخارج، بحيث يسارع هؤلاء الى تلبية المطالب، فيما يقفون في المرصاد ضد ما هو لبناني داخلي، الامر الذي يضع بعض الاطراف السياسية ضمن خانة الولاء للخارج، في حين ان المصاعب والكوارث داخلية وتتطلب توافقاً عاجلاً، كان من الاجدى ألا ينتظر هؤلاء الخارج كي يلبىوا له مطالبه، مشيرة الى انّ الهدف من هذا الحوار، دراسة مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية ونتائجها، ومنع تفاقم أي تداعيات قد تصدر عنها، إضافة الى معالجة الملفّات الأساسية، خصوصاً المالية والاقتصادية، والبحث في إمكان إجراء تعديلات مقترحة ضمن اتفاق الطائف، لمعالجة بعض المشاكل الناتجة منه من ناحية عدم التوازن، فضلاً عن الاستراتيجية الدفاعية وسلاح حزب الله، ومدى تأثير التفاهمات الاقليمية في لبنان والمحنة التي يعيشها وإمكان إنهائها.