IMLebanon

الحوار الداخلي مناسبة لتقطيع الوقت وإبقاء لبنان بمعزل عن حرائق الحرب السورية

حل الأزمة السياسية مرتبط ببتّ مصير الأزمة السورية وأوضاع المنطقة

الحوار الداخلي مناسبة لتقطيع الوقت وإبقاء لبنان بمعزل عن حرائق الحرب السورية

عدم إنتخاب رئيس للجمهورية وإستمرار تعطيل مجلس النواب وشل عمل الحكومة، عوامل تزيد النقمة الداخلية للمواطنين

يستبعد مصدر نيابي بارز حدوث حلحلة جذرية للأزمة السياسية التي يتخبّط فيها لبنان منذ سنوات، ما لم تتوقف الحرب المتعددة الجوانب في سوريا ويتحقق الأمن والسلام فيها، نظراً لترابط الوضع اللبناني مع مجرى الأحداث والتطورات في الداخل السوري واستحالة الفصل بينهما في الوقت الحاضر لاعتبارات وظروف معروفة بالرغم من كل محاولات تحييد الوضع اللبناني عن تداعيات ثورة الشعب السوري ضد نظام  الأسد الديكتاتوري ومنع لهيب الحرب من التمدد إلى لبنان.

وإزاء عدم وجود أية بوادر أو مؤشرات تدل على إمكانية وقف هذه الحرب التي انخرطت فيها دول وجهات إقليمية ودولية عديدة في الأمد المنظور، يبدو أن كل حراك داخلي باتجاه استنباط حلول للأزمة السياسية الراهنة سيصطدم بترابط الوضع الداخلي اللبناني مع  انعكاسات الأزمة السورية وتعقيداتها وتشابك المصالح الإقليمية والدولية، ومن الصعب أو حتى من المستحيل تجاوزها أو القفز فوقها نهائياً بسبب عدم قدرة أي طرف سياسي لبناني القيام بهذا الدور مهما كان مؤثراً وفاعلاً في هذه المرحلة الصعبة والحسّاسة.

ويعدد المصدر المذكور الأسباب والوقائع التي تجعل من عملية فصل الأزمة السياسية في لبنان عن التطورات في سوريا بالكامل صعبة حالياً، فيشير بداية إلى انخراط «حزب الله» الواسع بأوامر إيرانية مباشرة بالحرب الدائرة في سوريا وما ينتج عن هذه المشاركة من نتائج وتداعيات ومخاطر، إن كان بالنسبة للتسبب بإذكاء نار الحرب الدائرة هناك والإمعان في تدمير المدن والقرى وقتل وتهجير أبنائها وأهلها وردات الفعل العدائية المتوقعة ضد مناطق وسيطرة «حزب الله» كما حصل في السابق من تفجيرات إرهابية وغيرها، أو ما ينتج عن هذه المشاركة المرفوضة من قبل معظم اللبنانيين من مقتل وإصابة الآلاف من عناصر الحزب بعد مرور ما يقارب الأربع سنوات واستمرار سقوط المزيد منهم بشكل يومي عامة وارتداد هذه  الخسارة الجسيمة التي يحاول الحزب تطويقها ومنع تفاقمها تارة بدفع الأموال لذوي القتلى وتارة أخرى بتهديد الناقمين ضده بالسلاح وسطوته في ظل غياب الدولة بمناطق نفوذه، على المجتمع اللبناني كلّه نظراً لما ترتبه من أضرار على عائلات وذوي القتلى والجرحى في المستقبل.

ويضاف إلى ذلك وجود ما يقارب أو يزيد عن مليون مهجّر سوري لجأوا إلى لبنان وقد تزداد أعدادهم مع استمرار الحرب السورية وزيادة تعقيداتها، الأمر الذي يؤدي أيضاً إلى تحميل لبنان وشعبه أعباء وجود هؤلاء النازحين على كافة الصعد السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، في حين ان استمرار توقف حركة الترانزيت ونقل البضائع عبر الحدود السورية إلى بلدان الخليج العربي يزيد من حدة معاناة شريحة كبيرة من اللبنانيين تعتاش من هذا القطاع.

ومن وجهة نظر المصدر فإن انغلاق أفق فصل هذه الأسباب والوقائع السلبية عن الوضع الداخلي اللبناني في المرحلة الحالية يزيد من تراكم المشاكل مع استمرار تعطيل حل الأزمة الأساس المتمثلة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتعطيل مجلس النواب وشل عمل الحكومة، ويفسح في المجال امام زيادة النقمة الداخلية للمواطنين بفعل تعطل أو تراجع الخدمات الضرورية كتوفير التيار الكهربائي ومعالجة أزمة النفايات التي طالت كل لبنان، وتحسين مستوى المعيشة وهو ما يعانيه اللبنانيون حالياً بمعظم فئاتهم وأصبح التلكؤ لأي سبب كان في معالجة الأزمة السياسية وإيجاد الحلول لها منفذاً أو حجة مؤاتية لقيام الحركات الاحتجاجية، العفوية أو المنظمة أو التابعة لجهة ما كي توظف هذا الفشل السلطوي الذي تتحمل مسؤوليته الأطراف السياسية التي تتولى عملية تعطيل الحلول السياسية لأغراض ومصالح خاصة لا سيما «حزب الله » و«التيار العوني» كي تتحرك على الساحة وتستقطب أكبر شريحة من المواطنين الناقمين أو المتضررين من سلوكيات وممارسات الأطراف المعطلة لمجرى العملية الديمقراطية والمهيمنين بقوة السلاح غير الشرعي على مفاصل السلطة وقراراتها.

وفي اعتقاد المصدر النيابي تبدو كل المخارج لإيجاد حل للأزمة اللبنانية مغلقة حالياً مع استمرار الصراع الإقليمي والدولي المتفاعل في سوريا في ضوء عدم قدرة الطرف الأساس المعطل للحل الداخلي وهو «حزب الله» للتملص من ارتباطه مع إيران، وهذا الواقع المتأزم، يعيق كل المساعي المبذولة لايجاد الحلول المطلوبة للأزمة اللبنانية، بينما تبقى كل المحاولات والمساعي المبذولة لاختراق جدار الأزمة السميك كجلسات الحوار المنعقدة حالياً في المجلس النيابي محكومة بظروف الاشتباك الإقليمي والدولي في سوريا ونتائجه وانعكاساته على الواقع اللبناني، سلباً أم إيجاباً، في حين ان أقصى ما يمكن ان تسفر عنه مثل هذه المحاولات في ظل هذه الأجواء المبلدة تقطيع مزيد من الوقت مع المحافظة قدر الإمكان على الاستقرار الداخلي الهشّ، والتفاهم بالحدى الأدنى على تمرير ما يمكن التفاهم عليه من مسائل وقضايا ملحّة تهم النّاس وذلك في انتظار انبلاج أفق التفاهمات والصفقات الإقليمية والدولية بخصوص سوريا والمنطقة عموماً، وقد يطول هذا الانتظار أكثر من المتوقع ويزداد طول عمر الأزمة اللبنانية ومعاناة اللبنانيين معها.