لا تزال ارتدادات خطاب الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله بعد عملية الحزب ضد إسرائيل في مزارع شبعا تتفاعل داخلياً.
فيما كان الحزب يتلقى التهنئة من جمهوره والحلفاء بالمكاسب التي حققها في تغيير قواعد اللعبة بعد إعلان أمينه العام عن سقوط كل قواعد الاشتباك في وجه أي اعتداء يتعرض له، كانت أوساط قوى ١٤ آذار تجري عملية تقويم لتلك الارتدادات انطلاقا من مخاوفها من المخاطر التي ترتبها معادلة نصرالله الجديدة على لبنان وعلى التزاماته الدولية ولا سيما القرار ١٧٠١.
وفي الوقت الذي يطالب فريق 14 آذار بتوسيع رقعة تطبيق القرار الدولي، جاءت عملية الحزب وبعدها كلام نصرالله لتنسف هذا الطلب في مهده، ولتذهب أبعد عبر إسقاط كل الحدود أمام أي عمليات رد محتملة للحزب في المستقبل، انطلاقا من قواعد الاشتباك الجديدة التي أرساها أخيرا.
أمران على قدر عالٍ من الأهمية لن يسلما من تداعيات الاستراتيجية العسكرية الجديدة للحزب: الحكومة والحوار بين الحزب و”المستقبل”.
فجلسة الحوار الخامسة بين الجانبين تنعقد غداً على وقع التطورات الأخيرة التي ستلقي بثقلها على المتحاورين وتعدل ربما في بنود جدول الأعمال المقرر درسها.
لم يحسم “تيار المستقبل” بعد قراره في شأن الباب الذي سيدخل منه الى كلام نصرالله والرصاص الذي أطلق على أثره، وخصوصا أن جدول أعمال الحوار المقرر قبل انطلاقه، وباتفاق الجانبين، لا يلحظ المواضيع الخلافية على طاولته. فسلاح الحزب واستراتيجيته الدفاعية وانخراطه في سوريا هي مواضيع مستثناة من الحوار. وهذا ينسحب طبعاً على المواجهة مع إسرائيل والاستراتيجيات العسكرية التي تتطلبها. جل ما يمكن طاولة الحوار ان تبحث فيه هو تخفيف الاحتقان المذهبي وإزالة الصور واللافتات الحزبية المثيرة للنعرات الطائفية، وقد يضاف الى مسألة الصور مسألة الرصاص.
يعي “تيار المستقبل” هذا الواقع، وقد وافق عليه منذ بداية الحوار، لكنه يعي في المقابل انه يملك الحق في إثارة الملفات الخلافية، إنطلاقا من ان الحوار لا يغير في مواقفه الثابتة منها، على ما تقول مراجع بارزة فيه، مضيفة ان “أملنا في تحقيق تقدم مع الحزب لا يلغي مواقفنا الثابتة من سلاحه او من تورطه في سوريا، وهذه أمور سنظل نذكر بها كل ساعة حتى يحين أوان بحثها”.
على هذا، يجري التيار تقويمه للمواضيع التي ستطرح على طاولة الحوار غدا. وينتظر ان يكون الامر محور حركة الاتصالات والاجتماعات الجانبية بين الجانبين اليوم تمهيداً لجلسة الغد.
أما في المقلب الحكومي، فلا تخفي مصادر وزارية في قوى ١٤ آذار انزعاجها من التهميش الذي تعيشه الحكومة في القرارات السياسية والعسكرية التي يتخذها ” حزب الله”.
وأكثر ما تخشاه هذه المصادر يتعلق بانعكاس ذلك على هيبة الدولة وسمعتها والتزاماتها حيال المجتمع الدولي. ذلك ان الحزب بات يتعامل مع ملفات المنطقة كلاعب إقليمي من دون أن يقيم أي اعتبار للأفرقاء المحليين. وهذا يمس بصيغة التعايش التي تقوم عليها البلاد ويدفع أكثر نحو رسم أسس معادلة جديدة للحكم والسلطة.
وقبل أيام قليلة من مرور عام على تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام، تتوقف المصادر عند هذه المناسبة لتقول ان الحزب حصل من الحكومة على أكثر مما يريد. وتشرح أنه كان يطالب بالثلث المعطل وبإدراج معادلته الذهبية في البيان الوزاري. وها هو اليوم بعد عام على تأليف الحكومة، قد أرسى معادلته ليس بحبر البيان الوزاري بل على ارض الواقع عندما جمع بين شهدائه في القنيطرة وشهداء الجيش في رأس بعلبك والالتفاف الشعبي في كلتا المنطقتين حول الجيش والمقاومة.
وترى أن الحزب ذهب أبعد عندما أضاف معادلة ثلاثية جديدة مزج فيها الدم اللبناني مع الدم السوري والدم الإيراني، فيما لم يعد ثمة حاجة الى ثلث معطل بما ان قرارات الحزب تتخذ من خارج الحكومة ومن دون معرفتها او استشارتها او حتى مناقشتها.
تستبعد المصادر الوزارية ان يثير وزراء ١٤ آذار خطاب نصرالله من خارج جدول اعمال جلسة مجلس الوزراء المقررة الخميس، مشيرة الى أن ردة الفعل على الخطاب عبر إطلاق الرصاص كانت متوقعة باعتبار ان نصرالله تريث في إطلالته حتى إنجاز عملية الرد، وذلك لاستيعاب استياء جمهوره بعد الخسارة الكبيرة التي مني بها في عملية القنيطرة.
وتشي مناقشات الجلسة الأخيرة للحكومة ان لا نية لدى أي فريق لتفجيرها. كما ان هذا القرار ليس محلياً، ولا سيما في ظل شغور موقع الرئاسة الاولى. وهذا ما يعزز الانطباع بأن الجلسة المقبلة ستكون على غرار الجلسة السابقة.