تكاد الكتل النيابية وبغالبيتها تتّفق على تسمية مرشّح واحد لرئاسة الحكومة يوم الاثنين المقبل، ولكن التقدّم الذي سيتم تسجيله في يوم الإستشارات النيابية الملزمة في قصر بعبدا، حيث سيكون رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، المرشّح الرئيسي لتولّي كرة النار الحكومية، سيتوقّف حكماً عند الواقع السياسي المعقّد، والذي اكتملت عناصره بعد القرار الأخير لـ«التيار الوطني الحر» الذي قاطع الحل الحكومي منذراً بالإنتقال إلى المعارضة.
بهذه العبارات اختصر مصدر نيابي الأزمة السياسية الطويلة حسب رأيه، والتي لن تسلك طريق الحل مع إنجاز المرحلة الأولى من عملية تكليف الرئيس الحريري. فالتعقيدات ازدادت والمناخات الدولية والداخلية قد تبدّلت، والمعطيات التي استجدّت أخيراً تضع كل مشاريع الحلول الحكومية في مهبّ الريح، كما كشف المصدر نفسه، والذي تحدّث عن فيتوات متبادلة أطاحت طرح حكومتي التكنوقراط والتكنوسياسية على حدّ سواء، وبذريعة وحيدة هي حماية التوازن داخل مجلس الوزراء. ومن هنا، فإن مشوار التأليف سيكون طويلاً، خصوصاً بعدما جرى الفصل ما بين مسار الأزمة الحكومية ومسار الإنهيار المالي والإقتصادي الذي تحوّل إلى حقيقة وأمر واقع، في ضوء تراجع تصنيف لبنان الائتماني، واقتراب موعد دخول صندوق النقد الدولي على خط المعالجات المالية للدين العام، حيث استدرك المصدر نفسه، أن أي حل لعدم سقوط البلاد في الإفلاس يكون عبر الإفادة من الدعم الدولي بعد تشكيل حكومة اليوم قبل الغد.
وفي هذا المجال، فإن المصدر النيابي، لاحظ أن الانخراط مجدّداً في دوّامة المراوحة والمناكفات والأخذ والردّ، فيما الأزمة اللبنانية تقارب الخطوط الحمراء، سيؤدي إلى تشكيل واقع سياسي جديد ينبثق من الأزمة الإقتصادية حيث ان كل الأطراف، وبغض النظر عن التحالفات السياسية القائمة حالياً أو التسويات السابقة، ستواجه مأزقاً واحداً وهو انكشاف المؤسّسات أمام الحراك الشعبي من جهة، وأمام المجتمع الدولي من جهة أخرى.
ولذا، فإن ما تضمّنه البيان الختامي لمجموعة الدعم الدولية لأجل لبنان، من وقائع خطرة حول الفساد ومن نصائح بعدم الدخول في أي مغامرات سياسية على حساب الإستقرار الإجتماعي لكل اللبنانيين، يندرج في سياق المقاربة المستجدة مع الأزمة المالية والإقتصادية، ومن دون التطرّق إلى أي اعتبارات داخلية مرتبطة بالصراع على النفوذ، أو حتى حسابات الربح والخسارة ما بين القوى المحلية، على حدّ قول المصدر النيابي ذاته، ولا سيما أن هذا الصراع سوف ينعكس سلباً على عملية تأليف الحكومة في مرحلة لاحقة، وبالتالي، على الواقع العام في لحظة بالغة الدقة مالياً واقتصادياً واجتماعياً. وتوقّع بالتالي، استمرار الغموض والضبابية في أجواء قصر بعبدا من اليوم إلى مساء يوم الاثنين المقبل، وذلك بعدما بدأت الساحة الداخلية تشهد ردود فعل متفاوتة إزاء القوى التي ستشارك في الحكومة، أو تلك التي ستنأى بنفسها عن المشاركة وتستقرّ في جبهة المعارضة.