تواجه المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي تخفيضات كبيرة في التمويل. لذلك، ستعمد الهيئتان التابعتان للأمم المتحدة إلى تقليص عدد العائلات في لبنان، التي تتلقّى مساعدات نقدية وغذائية في العام 2024 مقارنةً بالسنوات السابقة. على رغم ذلك، لا تزال المساعدات الأممية المقدّمة للنازحين السوريين الموجودين في لبنان قائمة ومستمرّة، علماً أنّ النازح لا يعتمد على هذه المساعدات فقط، بل يتلقّى مساعدات أخرى من هيئات وبرامج وصناديق تابعة للأمم المتحدة، مثل التعليم بتغطية مالية من الـ»يونيسف» والاستشفاء، إضافةً إلى مساعدات أخرى نقدية أو عبر برامج معيّنة من أكثر من منظمة غير حكومية أو جمعية.
وعلى رغم اعتبار البعض أنّ المساعدات النقدية التي يحصل عليها النازح السوري من الأمم المتحدة «رمزية» ولا تسمح بتأمين حياة لائقة وبالتالي ليست سبباً لدمج النازحين في المجتمع اللبناني أو لتملّكهم عقارات في لبنان أو تشجيعهم على البقاء الدائم في البلد، إلّا أنّ النازح السوري الذي يعيش في لبنان منذ سنوات، سواء في المخيمات بقاعاً أو في أي منطقة أخرى، يجد من يساعده على البقاء في لبنان، عبر المساعدات المختلفة. وعلى سبيل المثال، هناك برامج عدة تستهدف النازحين السوريين، لمنظمات غير حكومية أو جمعيات وقد تكون بالشراكة مع الأمم المتحدة، وهذه البرامج تتنوّع من محو الأمية إلى تنظيم نشاطات تعليمية أو تثقيفية للأطفال والناشئة، ويؤمّن منظّمو عدد من هذه البرامج للنازح النقليات ووجبة طعام ومبلغاً مالياً رمزياً يومياً طيلة مدة البرنامج.
لذلك تعتبر غالبية القوى السياسية والشعب اللبناني أنّ هناك نيّة «دولية» لتأمين بقاء النازح السوري في لبنان بشتى الطرق، ومنها عبر المساعدات تحت أي مُسمّى أو نوع. فمن دون هذه المساعدات ومن دون عمل لن يتمكّن النازح من العيش في لبنان وسيُضطر للعودة إلى بلاده، خصوصاً أنّ المخاطر الأمنية انتفت في مناطق شاسعة من سوريا.
بالنسبة إلى حجم المساعدات لعام 2024، بات الحد الأقصى للمبلغ الإجمالي الذي يمكن أن تحصل عليه عائلة لاجئة من المفوضية وبرنامج الأغذية العالمي (WFP)، 115 دولاراً للعائلات المكونة من 5 أفراد فما فوق. وينخفض هذا المبلغ مع تراجع عدد أفراد العائلة، علماً أنّ هذا المبلغ يشمل المبلغ النقدي الذي يُمكن سحبه من المصارف والبطاقة الغذائية المستحقّة للعائلة. وعلى رغم الأخذ والردّ بين المفوضية والحكومة ومسؤولين لبنانيين حيال قرار «دولرة» المساعدات، في أيار 2023، ما أدّى إلى «تعليق» تنفيذ هذا القرار، إلّا أنّه بات ساري المفعول منذ مدّة، بحيث يُمكن للنازح السوري الذي يستفيد من مساعدة نقدية أن يسحبها من المصرف بالدولار الأميركي أو بالليرة اللبنانية، كما كان قائماً قبل الأزمة المالية- الاقتصادية أواخر عام 2019، علماً أنّ هذه المساعدة تُحوّل من المفوضية إلى المصرف بـ»الدولار الفريش»، والهدف من تمكين النازح سحب هذه الأموال بالدولار هو حمايته من تغيّر قيمة المساعدات تبعاً لتغيّر سعر صرف الليرة اللبنانية.
بسبب القيود التمويلية، عملت المفوضية وبرنامج الأغذية العالمي على إعطاء الأولوية للعائلات التي تم تحديدها على أنّها الأكثر ضعفاً من الناحية الاقتصادية، لنيلها المساعدات النقدية والغذائية. لذلك ستُمنح هذه المساعدات، خلال عام 2024، لـ190 ألف عائلة، (أي نحو 62 في المئة من إجمالي اللاجئين من مختلف الجنسيات الذين تتولّى المفوضية شؤونهم. وبالتالي بات عدد العائلات التي ستحصل على هذه المساعدات أقلّ بنسبة 32 في المئة من العام الماضي (أقلّ بـ88 ألف عائلة بالإجمال، و53 ألف عائلة من جانب المفوضية وحدها).
بحسب مصادر المفوضية، تعد المساعدات التي تقدّمها الـUNHCR وبرنامج الأغذية العالمي حالياً بمثابة شريان حياة لكلّ عائلة لاجئة من الأشدّ ضعفاً في لبنان (نحو 90 في المئة من إجمالي العدد الرسمي). وتشير إلى أنّ أعداد العائلات التي ستتوقّف عن نيل المساعدات مرتفعة هذا العام، بسبب التخفيضات الكبيرة في التمويل مقارنة بالسنوات السابقة. ووفقاً للمراجعة السنوية، تتأهّل عائلات جديدة لنيل المساعدات في حين لم تكن تتلقّاها من قبل. وفي الوقت نفسه، تتوقّف عائلات أخرى عن نيل المساعدات خلال العام. ويتم إبلاغ العائلات باختيارها أو بعدمه لنيل المساعدات النقدية عبر الرسائل الهاتفية النصية. لكن يُمكن للاجئين الذين تمّ إبلاغهم بأنّهم لن يتلقوا مساعدات نقدية أو غذائية أن يبقوا مؤهلين للحصول على أنواع مساعدات أخرى.