IMLebanon

شر حرب نتنياهو.. وخير «التحالف الدولي»

 

 

 

إستناداً إلى رؤيته التي حققت له كإصلاحي فوزاً مبيناً ( بنسبة ثلاثة أرباع التصنيف التقليدي للفوز والخسران) بتبوؤ رئاسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أمام المرشح الذي يريده المرشد علي خامنئي وإستطراداً الحرس الثوري القلب النابض لحماية النظام وحاضن «الأذرع الجهادية» في كل من العراق ولبنان والقصف الحوثي من اليمن، فإن الذي قاله الرئيس مسعود برشكيان يوم الإثنين 23 سبتمبر/ أيلول 2024 ينسجم تمام الإنسجام مع رؤاه الإصلاحية وهي رؤى كانت حاضرة في ما يراه الرئيس السابق روحاني لكن كلمة الحرس الثوري كانت حاسمة في وأد الرئيس الإصلاحي التوجه، وها هي ربما واردة للؤاد المماثل بالنسبة إلى الإصلاحي برشكيان ورئاسته التي ما زالت طرية العود.

ما قاله الرئيس برشكيان عشية بدء الدورة السنوية التاسعة والسبعين للجمعية العمومية للأمم المتحدة بمثابة نداء برسم أطراف محددة من دون تسميات في المجتمع الدولي عموماً والإقليمي بشكل خاص، وعلى أساس أن اللبيب من الإشارة يفهم القصد. وخلاصة القول – الموقف البرشكياني هي: «إيران لا تريد أن تشهد توسُّع الحرب الحالية في غزة كذلك لا تريد توسيع نطاق القصف الجوي عبْر الحدود الإسرائيلية – اللبنانية. يريدون (الإسرائيليون) جرَّنا إلى نقطة لا نريد الذهاب إليها. لا يوجد رابح في الحرب. نحن نخدع أنفسنا فقط إذا صدَّقنا ذلك. إن الجمهورية الإسلامية لا تزود روسيا بالصواريخ البالستية لمهاجمة أوكرانيا، ونحن لم نوافق قط على عدوان روسيا على أوكرانيا…». وحول البرنامج النووي الإيراني الذي تعمل الإدارة الأميركية وحليفاتها دول الحلف الأطلسي من أجْل تعطيله وبسبب ذلك فإن العلاقة الإيرانية – الأميركية الأطلسية في توتر دائم كما أن العقوبات على إيران تتزايد… حول هذه المسألة قال الرئيس برشكيان «إن أسلحة الدمار الشامل ليس لها مكان في إيران وهياكلها العسكرية».

 

ما يمكن قراءته بين سطور بعض عبارات الرئيس مسعود برشكيان أن إيرانه تتطلع إلى أن تأخذ الأطراف المعنية في الإعتبار ما بين مفردات كلامه الذي قد يساعد هذه الأطراف الإقليمية والدولية على الخلود إلى إستراحة من ضوضاء الصراعات وويلات الإحترابات خصوصاً بعدما يبدو واضحاً أن لا عائد يتسم بالخير من تلك الصراعات والويلات. ومن شأن التأمل بأحوال المتورطين في هذه الصراعات والإحترابات من الولايات المتحدة إلى روسيا إلى إسرائيل ثم إلى إيران ومَن يلوذ برعايتها لهم في لبنان واليمن والعراق وفي بعض جيوب على أرض دول عربية وأسيوية، ما يجعل الرئيس الإيراني يقول بالحد الأدنى من التسميات ما يجول في خاطر رئاسته التي لم تبلغ بعد نصف السنة من العمر. ومثل هذا التوجه سيشكِّل علامة فارقة في النهج الإيراني المأمول الأخذ به لو أنه قيل من خلال منبر الجمعية العمومية للأمم المتحدة وسيشكل وقفة تقدير من جانب المجتمع الدولي.

 

ما هو جدير بالملاحظة أن الأذرع الإيرانية العربية شأنها شأن الإدارة الأميركية والحُكم الراهن في إسرائيل لن ترحب بهذه المرونة تأتي من جانب الرئيس الحديث العهد لإيران، وكل من هؤلاء رهين أكثر من ذريعة واحدة. أميركا تتطلع إلى إسترجاع إيران نجماً ثاقباً في فلكها ومن دون أي مناقشة من جانب أهل الحكم الحالي. والأذرع تعتبر الحرس الثوري مرجعيتها ولذا فالولاء لهذه المرجعية التي أصلاً حاولت دون وصول الإصلاحي إلى رئاسة الجمهورية. وأما إسرائيل فإن مصلحتها من مصلحة الإدارة الأميركية في إبقاء خط معاداة الحكم الإيراني سالكاً إلى أن يحدُث الإخضاع الذي نشير إلى بقائه من أغراض بسط النفوذ الأميركي في الإقليم إستباقاً لنضوج السعي الروسي – الصيني إلى تثبيت الوجود المتدرج للدولتيْن في دول عدة من الإقليم وللعلاقة الإستراتيجية للدولتيْن مع الدول الأكثر تأثيراً في مجريات الأمور في المنطقة وبالذات المملكة العربية السعودية التي سجلت من خلال مساع في رحاب الجمعية العمومية ملامح رؤية واعدة تتمثل في إعلان وزير خارجيتها فيصل بن فرحان يوم الجمعة 27 سبتمبر 2024 عن خطوة لقيت الاهتمام من جانب الجمع الدولي نقيض الإمتعاض الذي حدث لدول دول كثيرة مشاركة في الدورة السنوية للجمعية العمومية من كلام منقوص المصداقية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وجاء إعلان الوزير السعودي من خلال قوله: إننا اليوم بإسم الدول العربية الإسلامية وشركائنا الأوروبيين نعلن إطلاق التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتيْن الذي هو نتاج جهد عربي وأوروبي مشترك والهدف هو إيجاد الحلول للمسألة الفلسطينية بدلاً من الإكتفاء بالإنتظار والترقب. إن تنفيذ حل الدولتيْن هو الحل الأمثل لكسر حلقة الصراع والمعاناة وإنفاذ واقع جديد تنعم فيه كافة المنطقة بما فيها إسرائيل بالأمن والتعايش…».

 

هذا الإقتراح العملي الذي يندرج ضمن رؤية ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان للمستقبل العربي – الإسرائيلي في ضوء الأخذ بصيغة الدولة الفلسطينية مدخلاً لأي علاقات، يشكل إنقاذاً للمتورطين في الحروب والصراعات دولاً كانت مثل إسرائيل و «أذرعاً جهادية» لبنانية وعراقية وفلسطينية حمساوية ويمنية حوثية. كما أن الأخذ بها لا يشكِّل إحراجاً لأي من الدول التي تنضوي تحت راية هذا التحالف الذي سيُبغض إستحداثه الحلف الأميركي – الإسرائيلي الذي هو العلة في هذا الذي تعيشه دول الإقليم منذ العام 1948 وبلغ ذروة التكاذب المقرون بإعتداءات إسرائيلية متوحشة على المجتمع المدني في كل من غزة ولبنان، سكت عليها الجانب الأميركي دهراً قبل أن ينطق كفراً عبْر سنوات الرئيس جو بايدن ودبلوماسية انطوني بلينكن وكونغرس بوجهيْن جمهوري وديمقراطي.

في إنتظار أول إجتماعات «التحالف الدولي من أجْل إقامة الدولة الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتيْن» في الرياض وبروكسل على نحو ما أعلن ذلك الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن المشترك جوزيب بوريل، بعد إعلان وزير الخارجية السعودية فيصل بن فرحان عن قيامه، يتمنى كل عربي ومسلم يود صداقة نقية موضوعية مع الإدارة الأميركية والحكومة البريطانية أن لا تفخخا هذا النزوع الطيب نحو الخير لمصلحة شر حرب نتنياهو. وتكفي ممالأة ثلاثة أرباع القرن من جانبهما لإسرائيل التي تحتل وتعتدي مطمئنة إلى أن هاتيْن الدولتيْن بالذات تتصدران مباركة وجودها محتلة غافرتان عدوانها المتكرر.

رحمة لله على شهداء الضاحية الجنوبية من بيروت المحزونة على سيدها أبو هادي وسائر الشهداء معه وعلى الذين تحت الأنقاض في رحاب خيمته الجهادية.