في موازاة اللوحة الغامضة والمحفوفة بالتحديات الاقتصادية والدستورية لأزمتي الانتخابات النيابية والموازنة العامة، يرتسم مشهد مشوب بالمحاذير الامنية الخطيرة على الجبهة الجنوبية في ضوء ارتفاع وتيرة التهديدات الاسرائيلية للبنان والمقاومة والجيش. ويعزز هذه الخطورة ما يتردد في الاروقة الديبلوماسية الغربية عن غياب الضوابط الدولية وتحديدا الاميركية في عهد الادارة الاميركية الجديدة. وقد أبدت أوساط ديبلوماسية عربية في بيروت، تخوفها من المناخ الدولي السائد في الاسابيع الاخيرة والذي شهد تحولات نوعية بفعل الحملات الاعلامية والسياسية الاسرائيلية، التي تركز على انتقاد الحكومة واتهام الدولة وحزب الله بعدم احترام القرار الدولي 1701.
وكشفت الاوساط الديبلوماسية ان مثل هذا الاتهام بالغ الخطورة خصوصا وان القرارات الدولية ملزمة للدولة اللبنانية، وانه من دون القرار1701 ، يصبح لبنان في دائرة الخطر الاسرائيلي المتزايد في الاونة الاخيرة. ولفتت الى ان الممثلة الشخصية للامين العام للامم المتحدة سيغريد كاغ، قد تناولت مع اكثر من مسؤول، الوضع العام على امتداد ما يسمى بالخط الازرق الحدودي والتقرير المرتقب لمجلس الامن الدولي حول القرار 1701 والواقع الميداني ، كما الجانب الامني في المنطقة الحدودية. وعلى الرغم من بقاء هذه المباحثات بعيدة عن الاعلام، الا ان الاوساط الديبلوماسية ركزت على ان أكثر من علامة استفهام قد ارتسمت مؤخرا وتتناول الانطباعات الدولية حول الواقع السياسي الداخلي، وذلك في ظل ما يتسرب منذ نهاية الاسبوع الماضي، وينبىء بوجود قلق دولي من المرحلة المقبلة في لبنان على الصعيدين السياسي والامني على حد سواء. واوضحت ان المجموعة الداعمة للبنان كما الرأي العام الدولي يخضعان منذ اشهر، لضغط الحملات والاتهامات الاسرائيلية للبنان عموما ولحزب الله خصوصا، وهي في الاجمال تهدف الى الاعداد لسيناريو دراماتيكي عدواني ضد لبنان بذريعة المواقف الرسمية المؤيدة والداعمة للمقاومة في وجه اي عدوان اسرائيلي.
واعتبرت الاوساط الديبلوماسية ان رسائل عدة قد تبلغتها القيادات الداخلية من عدة موفدين غربيين زاروا بيروت اخيرا، وركزت على التزام لبنان بالقرار1701 علما ان هذا الالتزام هو واقع منذ صدور القرار المذكور، ولم تسجل اي خروقات للخط الازرق، الا من قبل العدو الاسرائيلي على امتداد السنوات الماضية. وانطلاقا من هذا المناخ المستجد، فقد نبهت الاوساط نفسها الى وجوب عدم الانزلاق، وعلى المستوى الداخلي، الى الاشتباك الاقليمي من جهة والتوتر الاميركي- الايراني من جهة اخرى. ولاحظت ان الحكومة الاسرائيلية التي تواجه مأزقا بفعل الاتهامات الداخلية لرئيسها بالتقصير، ستنفذ ردات فعل في اتجاه الساحتين الفلسطينية واللبنانية، مستفيدة من مواقف وتوجهات الادارة الاميركية الجديدة. ومن هنا أكدت الاوساط نفسها، ان الموازين الدولية قد تغيرت في عهد الرئيس دونالد ترامب، اذ ان السياسية الخارجية الاميركية تبدلت وتحديدا تجاه ايران، كما ان قواعد الاشتباك في سوريا شهدت تحولات مهمة. وقد ترجمت بشكل بارز في المعادلات العسكرية في منبج أخيرا، حيث التنسيق الاميركي مع تركيا وموسكو ضد تنظيم «داعش».
في المقابل فان الذرائع الاسرائيلية تتزامن مع محاولة استغلال اميركية للنوايا العدوانية لاسرائيل ضد لبنان، على حد ما كشفت الاوساط الديبلوماسية، التي وجدت ان رسائل التهديد الاميركية لايران، قد تسلك طريق الترجمة من خلال عدوان اسرائيلي على لبنان تحت حجة ضرب سلاح حزب الله. وبالتالي فان لبنان امام تحديات جمة وفي مقدمها الالتزام بالتطبيق التام لمندرجات القرار الدولي 1701 والابتعاد عن اي تصعيد او تهديد يجد فيه اعداء لبنان، ذريعة لتصويره وكأنه خارج الشرعية الدولية.