Site icon IMLebanon

هل تتوافق دعوة الراعي للحوار مع المقترح الذي سيحمله لودريان مع عودته؟!

 

دعا البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى عقد مؤتمر دولي لحلّ الأزمة الرئاسية مرّات عديدة خلال السنتين المنصرمتين. وجدّد بالأمس هذه الدعوة في كلمة ألقاها خلال إطلاق وثيقة «لقاء الهوية والسيادة» بعنوان «رؤية جديدة للبنان الغد، دولة مدنية لا مركزية حيادية». وكشف أنّه «طالب بمؤتمر دولي، بعدما هرب السياسيون اللبنانيون من الحوار لأنّهم مرتهنون لمصالحهم الخاصة»، مشيراً الى أنّه «لا خلاص للبنان إذا ما بقينا على ما نحن عليه». فهل تتناسب هذه الدعوة، مع الحلّ الذي يُفترض أن يعود به المبعوث الشخصي للرئيس الفرنسي جان إيف لودريان الى لبنان خلال شهر تمّوز الجاري؟

 

تقول مصادر سياسية مطّلعة، انّ البطريرك الراعي يُكرّر هذه الدعوة في كلّ مناسبة لأنّه يجدها المخرج المناسب لحلّ الأزمة الحالية، وخصوصاً أنّه يرى أنّ المسؤولين لا يعملون على معالجة مشكلة البلد، إنّما على تحقيق مصالحهم. واشارت المصادر الى أنّه خلال اللقاء الذي جمع الموفد الفرنسي بالراعي، اقترح عليه أن يدعو الى حوار وطني، فأجاب غبطته أنّه لم يتمكّن من جمع القوى المسيحية، فكيف إذا ما قام بتوجيه الدعوة الى جميع المكوّنات السياسية؟

 

غير أنّ اقتراح عقد الحوار الوطني يحبّذه البطريرك الراعي، على ما أضافت المصادر، ولكن كونه يعلم مدى صعوبة تحقّقه من دون دعم خارجي، قرّر مطالبة الأمم المتحدة بالمساعدة على إنقاذ لبنان، لأنّ المسؤولين يقومون بتضييع الحلول الداخلية، ولا يوافقون على عقد الحوار، بل يضعون الشروط لعرقلته. كما يجد أنّه من واجب هذه المنظمة أن تعكف على دراسة أفضل السبل لتأمين انعقاد مؤتمر دولي خاص بلبنان، يعيد تثبيت وجوده وثقة المجتمع الدولي به ويوقف انهياره، وأنّها بالتالي معنية مع كلّ الدول الأعضاء فيها، لا سيما تلك التي تعتبر نفسها صديقة للبنان، أن تتحرّك لعقد هذا المؤتمر لما فيه مصلحة لبنان واللبنانيين، لان هذه الدول عندما تريد تحقيق أمر ما، تُحقّقه على وجه السرعة، مهما كانت العقبات.

 

ولهذا يبدو أنّ الجميع في انتظار عودة لودريان الى بيروت بالحلّ المقترح الذي لم يتمّ التوصّل اليه بعد. وتشير المعلومات الى أنّ الموفد الفرنسي قد لا يأتي الى لبنان قبل اجتماع «اللقاء الخماسي» ومناقشة ما ورد في تقريره عن لبنان، لكي يأتي المقترح موافقا عليه من قبلها، ولا يكون من صنع فرنسا فقط. ولكن لا أحد يعلم إذا ما كان الموفد الفرنسي يستعجل العودة قبل توافر ظروف انعقاد الاجتماع الخماسي.

 

وكان جرى الحديث عن إمكان انضمام إيران الى هذا اللقاء، على ما أشارت المصادر نفسها، غير أنّ الأمور لم تنضج حتى الساعة. وترى المصادر أنّ لودريان سيدعو الى حوار وطني تدعمه دول الخارج، رغم معرفته أنّ هذا الأمر من الصعب أن يتحقّق في المرحلة الراهنة، في ظلّ تمسّك كلّ فريق بموقفه وبمرشّحه للرئاسة. أمّا عقد المؤتمر التأسيسي لتغيير النظام، أو تعديل الدستور بما يتناسب مع المرحلة المقبلة، فيتطلّب، ممّا استشفّه الموفد الفرنسي من محادثاته في لبنان، وقتاً طويلاً أي أنّه لا ينتهي خلال عقد جلسة أو جلستين أو ثلاث للحوار، الأمر الذي من شأنه إطالة موعد انتخاب الرئيس.

 

كذلك، فإنّ اقتراح عقد المؤتمر التأسيسي يعني، من وجهة نظرالمصادر، أنّ دول الخارج ستفرض عندئذ الحلّ على المسؤولين اللبنانيين، وسيدلّ ذلك بالتالي على فشلهم في حلّ مشاكلهم الداخلية، وعلى عدم قدرتهم على التوافق فيما بينهم من دون ضغوطات خارجية. من هنا، قد تعدل دول «اللقاء الخماسي» عن اقتراح عقد نظام جديد للبنان، سيما أنّه ليس من ترف الوقت في لبنان. ولكنّها ستُشدّد في الوقت نفسه على ضرورة أن يتحمّل المسؤولون اللبنانيون المسؤولية ويتوافقوا فيما بينهم أكان من خلال الجلوس الى طاولة الحوار أو من خلال عقد حوارات ثنائية وثلاثية، ويعملوا على الإسراع على انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة والقيام بالإصلاحات المطلوبة من دون أي تأجيل أو تأخير.

 

وما يجمع مقترحات الراعي ولودريان، على ما أكّدت المصادر عينها، هو أن تأتي نتيجة أي حوار داخلي يُعقد في لبنان أو في أي دولة خارجية لمصلحة لبنان، وينجم عنه انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية والتوافق على جميع الاستحقاقات اللاحقة.