مسؤول أوروبي بارز وثيق الصلة بعملية التفاوض بين إيران ومجموعة الدول الست أميركا وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين والمانيا أوضح لنا حقيقة ما جرى ويجري فيها فقال: “إصطدمت المفاوضات الإيرانية – الدولية بالمعادلة الجوهرية الآتية: القنبلة النووية أولاً. فالقيادة الإيرانية تعطي الأولوية للإحتفاظ بالمكونات والعناصر الأساسية في برنامجها النووي المتطور الذي أنفقت عليه خلال السنوات الاخيرة عشرات المليارات من الدولارات مما يسمح لها لاحقاً بإنتاج السلاح النووي إذا أرادت، ولم تعط الأولوية في هذه المفاوضات لتحسين العلاقات بينها وبين أميركا والدول الغربية عموماً. وتتصرف القيادة الإيرانية على أساس ان مشروعها النووي المتطور هو مصدر قوة رئيسي لها ويمنحها مكاسب كبيرة داخلياً وخارجياً سياسية واستراتيجية وأمنية أكبر وأكثر أهمية من المصالحة مع الغرب، بل انها مستعدة لتقبل مواصلة الخضوع للعقوبات القاسية من أجل التمسك بهذا المشروع. في المقابل، تعطي أميركا والدول الغربية بالتفاهم مع روسيا والصين الأولوية لإنهاء المشروع النووي الإيراني المتطور وتغيير طبيعته وتركيبته ولإخضاع المنشآت النووية الإيرانية لوصاية دولية طويلة الأمد من أجل ضمان الطابع السلمي لهذا البرنامج، ولم تعط الأولوية للتقارب مع الجمهورية الإسلامية وفتح صفحة جديدة معها. فالمسؤولون الأميركيون والغربيون على اقتناع بأن السماح لإيران بامتلاك السلاح النووي يشكل تهديداً كبيراً لهم ولحلفائهم وللمنطقة وللسلم والأمن الدوليين لأنه يفتح أبواب السباق النووي في الشرق الأوسط ويدفع أربعا أو خمس دول الى تطوير برامج نووية عسكرية ويعمق الصراع الديني ويفجر نزاعات مسلحة واسعة في ساحات عدة ويضعف كثيراً الجهود الدولية المبذولة للحد من انتشار الأسلحة النووية ويمهد لحرب محتملة بين إسرائيل وإيران يمكن أن تشارك فيها دول أخرى. وهذه المعطيات الأساسية جعلت الطرفين الدولي والإيراني يفشلان في فيينا في إنجاز الاتفاق النهائي الشامل بينهما ودفعتهما الى الإتفاق على تمديد المفاوضات حتى حزيران 2015. وخلال فترة التمديد هذه تواصل إيران تجميد برنامجها النووي إستناداً الى اتفاق جنيف وتبقى خاضعة للعقوبات القاسية”.
وقال المسؤول الأوروبي إن الوفد الأميركي الذي يقود المفاوضات بالتنسيق مع وفود الدول الأخرى في “مجموعة الست” أبلغ الإيرانيين ان إنجاز الإتفاق النووي النهائي يتطلب إقفال كل الطرق التي تؤدي الى إنتاج السلاح النووي وتسمح لإيران بامتلاك القدرات التكنولوجية الضرورية والكميات الكافية من الأورانيوم المخصب بنسبة عالية أو من البلوتونيوم من أجل أن تتحول دولة نووية مسلحة. وحدد الوفد الأميركي أربعة طرق تقود الى إنتاج السلاح النووي وينبغي إقفالها وهي الآتية:
أولاً – يجب وضع حد نهائي للنشاطات المتطورة وعمليات تخصيب الأورانيوم بنسبة عالية في منشآت فوردو النووية السرية التي أقامها الإيرانيون داخل جبل. ثانياً – يجب إنهاء عمليات تخصيب الأورانيوم بنسبة عالية في مفاعل ناتانز. ثالثاً – يجب إنهاء عمليات إنتاج البلوتونيوم في مفاعل اراك الذي يعمل بالمياه الثقيلة ويسمح بإنتاج السلاح النووي، ويجب تغيير طبيعة هذا المفاعل وتركيبته. رابعاً – يجب تقليص عدد أجهزة الطرد المركزي التي تملكها إيران وضمان عدم وجود منشآت نووية سرية في الأراضي الإيرانية مما يتطلب إخضاع كل المنشآت النووية الإيرانية العلنية والسرية للرقابة الدولية المشددة والسماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالقيام بزيارات مفاجئة لهذه المنشآت من أجل التأكد من الطابع السلمي للبرنامج النووي وطمأنة المجتمع الدولي ودول المنطقة.
وأوضح المسؤول الأوروبي “ان القيادة الإيرانية رفضت هذه المطالب والشروط إذ انها تتمسك بالاحتفاظ بمعظم مكونات وعناصر برنامجها النووي وتريد مواصلة عمليات تخصيب الأورانيوم بنسب تحددها هي وتتلاءم مع متطلباتها وتريد الرفع الكامل للعقوبات الأميركية والأوروبية والدولية المفروضة عليها فور توقيع الاتفاق النهائي الأمر الذي ترفضه الدول الست. وهكذا وصلت المفاوضات الى طريق مسدود ويصعب إنجاز أي اتفاق لاحقاً إذا تمسكت القيادة الإيرانية بأولوية الحفاظ على مشروعها النووي المتطور وإذا تمسكت الدول الكبرى بإنهاء الطموحات النووية لإيران ذات الإنعكاسات الخطرة على الشرق الأوسط والعالم”.