IMLebanon

رسالتان دوليتان في أسبوع واحد

 

إعلان المحكمة الدولية الخاصة بلبنان عدم قدرتها على الاستمرار بسبب انعدام التمويل هو رسالة ثانية يتلقاها اللبنانيون خلال اقل من اسبوع، لتقول لهم سارعوا الى تدبير أموركم فالعالم ليس مسؤولاً عن فحشكم السياسي.

 

الرسالة الأولى وجهها البنك الدولي الذي اعتبر ان الأزمة التي يعيشها لبنان هي الثالثة من نوعها يشهدها العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر. أي ان المؤسسة المالية الدولية لم تستوقفها احداث مثل الثورات الاوروبية والحروب الفرنسية الالمانية والحروب العالمية الاولى والثانية ثم الكورية والفييتنامية… وكلها أحداث قلبت العالم رأساً على عقب وأدت الى خسائر لا تحصى في الأرواح والممتلكات، وانما استوقفها هذا الإمعان من جانب المسؤولين اللبنانيين في تدمير بلدهم اقتصادياً ومالياً واجتماعياً على المستويات كافة. وفي ذلك قال البنك الدولي كلاماً لا يحتمل التأويل. فبعد أن حمّل هؤلاء المسؤولين، في تقرير سابق، المسؤولية عن “الكساد المتعمد”، جاء في بحثه الأخير ليؤكد أن القيادات السياسية اللبنانية التي لا تتفق على سبل المعالجة، تتفق في الواقع على إبقاء نظام الفساد والهدر والإنهيار.

 

بعد البنك الدولي، قررت المحكمة الدولية التي كلفها مجلس الأمن الدولي كشف ومحاكمة مرتكبي مسلسل الجرائم التي غيَّرت وجه لبنان منذ نهاية 2004، انهاء عملها بسبب عدم توفر التمويل.!

 

ومن دون الدخول في جدلٍ حول فاعلية هذه المحكمة التي بلغت كلفتها أكثر من مليار دولار منذ انطلاقة عملها قبل عقدٍ من الزمان، وانتهت في قضية اغتيال الرئيس رفيق للحريري الى ادانة غيابية للسيد سليم عياش منفرداً، فإن اعلانها احتمال الإقفال قبل انتهاء عملها في كشف الجرائم المرتبطة، اغتيال جورج حاوي ومحاولة اغتيال مروان حمادة والياس المر، ينمّ عن فقدان الإهتمام الدولي بلبنان ومشاكله وعدالته، ويوجه رسالة إضافية الى مسؤوليه، انهم اذ يمعنون في إسقاط بلدهم، فإن العالم غير مستعد لمواكبتهم في هذه المهمة التخريبية، وانهم عندما لا يسألون عن العدالة لمواطنيهم فلن تكون الدول أشد حرصاً على حمايتهم وحماية نظامهم.

 

عندما تأسست المحكمة بقرار دولي كان العالم مهتماً بمساعدة لبنان على عبور المحنة، ولذلك انضبطت المحكمة في أحكامها، فلم تتهم احزاباً ولا دولاً، الا انه حتى هذا السقف المنخفض الذي حددّه القرار الدولي، لم يعد اصحابه مستعدين للدفاع عنه، بل هم كمن يقول للبنانيين : حلّوا عن ظهورنا…

 

وفي كل حال يتردد مثل هذا الكلام في كافة الاوساط الدولية. قاله الفرنسيون ثم وافق عليه البنك الدولي، وهذا ما تعنيه صرخة المحكمة الدولية.