Site icon IMLebanon

الضغوطات الدوليّة تتواصل لمنع الحرب الشاملة 

 

 

تتكثّف المساعي الديبلوماسية الدولية بعد اغتيال المستشار العسكري للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنيّة في طهران، للضغط على إيران وعلى حزب الله لعدم التصعيد، ولئلا تأتي ضربة كلّ منهما على “إسرائيل” قوية تقود المنطقة الى حرب شاملة مدمّرة. وتُسابق الاتصالات والزيارات الوقت قبل اتخاذ القرار حول نوعية الردّ ومستواه وتوقيته، والذي سيختار بين أمرين: الحرب أو اللاحرب. علماً بأنّ أحداً لن يتحمّل قرع طبول حرب موسّعة وشاملة يُعرف متى تبدأ ولا يُعرف كيف ومتى تنتهي.

 

مصادر سياسية مواكبة للتطوّرات على الساحتين المحلية والإقليمية، تحدّثت عن أنّ الدول الكبرى لا سيما دول “اللجنة الخماسية”، أي أميركا وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، الى جانب بريطانيا وإيطاليا وسواهما، تقوم بالاتصالات من أجل تهدئة الأوضاع في المنطقة قدر المستطاع، لكيلا تنزلق الأمور الى حرب لا يمكن السيطرة عليها في حال نشوبها، لا سيما مع مشاركة جميع الدول فيها. وقد أرسلت بريطانيا وفداً مؤلّفاً من وزيري الخارجية دايفيد لامي، والدفاع جون هيلي الى لبنان، التقى المسؤولين وبحث معهم التطوّرات الأمنية الأخيرة.

 

وقد شدّد الوفد امام المسؤولين الذين التقاهم على ما أفادت المعلومات، على ضرورة عدم التصعيد، ووقف العنف لأنّ الاستمرار فيه ستكون عواقبه وخيمة على الجميع. كما أشار الى أنّ الحلّ الأمثل لعودة الأمن والاستقرار الى الحدود الجنوبية هو الحلّ الديبلوماسي، وتطبيق القرار 1701 بكلّ بنوده ومندرجاته. وتحدّث عن الدعم الدائم للجيش اللبناني واستكمال الشركة القائمة بين المؤسستين العسكريتين، لافتاً الى استعداد بريطانيا الى مواصلة تقديم المساعدات الى الجيش.

 

في الوقت نفسه، تحرّك وزير الخارجية الأميركي توني بليكن، على ما قالت المصادر نفسها، فأجرى اتصالاً هاتفياً برئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، طالباً منه نقل رسائل الى كلّ من حزب الله وإيران للتهدئة وعدم التصعيد، لأنّ أحداً لن يتحمّل وزر حرب جديدة في المنطقة. وهذا يعني أنّ أميركا لا تؤيّد رئيس الحكومة “الإسرائيلية” بنيامين نتنياهو في فكرته حول توسيع الحرب، والقيام بعمليات قتال مع حزب الله تدوم لأيام… فهي تولي اليوم الأهمية للانتخابات الرئاسية الأميركية، ولا تودّ أن تشتعل منطقة الشرق الأوسط خلال الأشهر المتبقية من ولاية الرئيس الأميركي جو بايدن.

 

وأشارت المصادر الى أنّه من الواضح أنّ الولايات المتحدة قد أعطت الضوء الأخضر لنتنياهو لاغتيال شكر، كون وزارة الخارجية الأميركية كانت قد صنّفته بـ “الإرهابي العالمي” (في العام 2019)، ورصدت مكافأة قدرها 5 ملايين دولار لمن يُقدّم لها أي معلومات عنه، نظراً لاتهامه بأنّه أحد العقول المدبّرة لتفجير “المارينز” في بيروت عام 1983، والذي أسفر عن مقتل 241 جنديّاً. واليوم تتهمه “إسرائيل” بأنّه “قاتل أطفال مجدل شمس”، وأنّه قاد قتال حزب الله ضدّها منذ 8 تشرين الأول الماضي، وكان مكلّفاً أسلحة الحزب الأكثر تقدّماً، وخصوصاً الصواريخ الدقيقة… وتعطي كلّاً من أميركا و “إسرائيل” هذه الاتهامات، لكي تُخفّف من وطأة اغتيال شكر، ولتفادي توجيه حزب الله اي ضربة قاسية مماثلة لـ “إسرائيل”.

 

وفي ما يتعلّق بمواصلة الجهود الخارجية، تحرّك السفير المصري في لبنان علاء موسى في اتجاه المسؤولين اللبنانيين أيضاً باسم بلاده، ودول “الخماسية” التي أسماها “الشركاء”، للضغط على حزب الله لعدم تنفيذ ضربة قوية على “إسرائيل”. فهم يرون أنّ “الجهة التي تُصعّد يعني أنّها هي التي تريد الحرب”. غير أنّ ما قامت به “إسرائيل” ليس عملية صغيرة، إنّما هو تصعيد غير محسوب النتائج. وكانت إيران أعلنت مرّات عديدة أنّها لا تريد الحرب، وكذلك حزب الله، الذي أضاف أنّه “مستعدّ لها في حال فُرضت عليه”.

 

أمّأ موقف المسؤولين اللبنانيين، على ما أكّدت المصادر ذاتها، فكان أنّه يجب ضغط المجتمع الدولي، لا سيما الولايات المتحدة على “إسرائيل” أوّلاً، لأنّها قد انتهكت السيادة اللبنانية من خلال عملية اغتيال شكر، وشكّلت عدواناً سافراً على المدنيين. فالاعتداء أدّى الى استشهاد 7 أشخاص: 5 مدنيين (3 سيّدات وطفلان) الى جانب عسكريَين هما شكر ومسؤول إيراني كان برفقته، الأمر الذي يُخالف القوانين الدولية، والقرار الأممي 1701.

 

غير أنّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي كان الجميع ينتظر كلمته المتلفزة التي ألقاها خلال تشييع شكر، فقد وجّه رسالة مباشرة “للإسرائيليين” الذين كانوا ينتظرون الردّ على اغتيال قيادي الحزب، إذ قال: “أفرحوا قليلا وستبكون كثيراً لأنّكم لا تعلمون أي خطوط حمراء تجاوزتم”، معلناً “أنّنا دخلنا مرحلة جديدة”. وهذا يعني، بحسب المصادر، أنّ “قواعد الاشتباك التي كان الجانبان يتقيّد بها في المواجهات العسكرية عند الجبهة الجنوبية، قد أُسقطت تماماً، ولم تعد قائمة”. كما ردّ على ما يقترحه “الإسرائيليون” على قادة المقاومة أن يختاروا بين “الاستسلام أو الموت”، بأنّ “الضغط لن يجعل كلّ الجبهات تستسلم لا في غزّة ولا في لبنان ولا في اليمن، وأنّه إذا كان أحداً في العالم مهتمّ فليضغط على “إسرائيل” لوقف حربها على غزّة أولاً”.

 

وختمت المصادر السياسية بأنّ الجملة التي وجّهها السيّد نصرالله للعدو قائلاً: “على العدو وخلف العدو أن ينتظر ردنا الآتي حتماً، إنشاء الله،لا نقاش في هذا والجدل، وبيننا وبينكم الايام والليالي والميدان”، لافتاً الى أنّ “الردّ سيأتي متفرّقاً أو متزامناً”، مشدّداً على “أنّ القرار في يدّ الميدان وهو الذي يعرف ظروفه، ونبحث عن رد حقيقي وليس عن رد شكلي، وعن فرص حقيقية وعن رد مدروس جداً”… هذا الموقف، تقول المصادر، يتطلّب أن تتواصل الضغوطات الدولية على “إسرائيل” لعدم الردّ على الردّ الآتي، بل الذهاب الى التوافق على وقف إطلاق النار في غزّة، والذي من شأنه أن ينعكس على جبهتي المساندة في اليمن وفي جنوب لبنان. كما أن يعمل المجتمع الدولي، إذا ما كان فعلاُ يريد تجنيب المنطقة أي حرب شاملة مقبلة لن ينجو منها أحد، السعي من أجل إصدار قرار مُلزم عن مجلس الأمن الدولي لوقف إطلاق النار فوراُ في غزّة، الأمر الذي سينعكس تلقائياً على الجبهة الجنوبية.