«النووي» يضع المنطقة أمام مفترق
جهود دولية لدور «موفّق» في انتخاب رئيس
قد يصح القول إنّ الرهان على تطورات سريعة من شأنها حلحلة الملفات العالقة ومنها الاستحقاق الرئاسي اللبناني، ربطاً بالاتفاق النووي بين ايران ومجموعة خمسة زائداً واحداً، سيكون مبالغا فيه. وهذا التحليل ينطلق من كون الأمور بعد هذا الاتفاق بدأت تتشكل من منطلقات جديدة، أي ان المسار سينطلق، في حال أقر الاتفاق على المستويات الوطنية للدول، من نقطة بداية جديدة وفق قراءة مختلفة عما كانت تدار به في السابق.
ولأن التفاؤل المبالغ فيه رئاسياً بلغ حدودا لا تنطبق على واقع الحال، فإن النصائح الخارجية تسارعت لإيصالها إلى من يعنيهم الأمر، بضرورة عدم الاتكال على «عجيبة رئاسية» من الخارج. ولكنّ هذه النصائح تشدّد على ضرورة توظيف ما حصل لتزخيم الجهود الداخلية بهدف الوصول إلى تفاهم وطني يكون مدخله إعادة العمل إلى المؤسسات الدستورية وانهاء الشغور والاستفادة القصوى من المجالات الكبرى التي ستتاح اقتصاديا امام لبنان فور رفع العقوبات الدولية المفروضة على ايران.
يربط سفير دولة كبرى معتمد في لبنان هذا الكلام بمعلومات تشير إلى أنّ البعض حاول بإلحاح إقناع جهات دولية فاعلة بالانتقال من مرحلة الضغط لإقناع الفرقاء اللبنانيين بانتخاب رئيس جمهورية، إلى مرحلة طرح اسماء محددة لمباشرة تأمين توافق حول احدها، إلا أن هذه المحاولة سقطت رغم الإطار التجميلي الذي قُدمت به، وفق ما يؤكد لـ «السفير»، مضيفاً: «نحن الآن لا نطرح أسماء للرئاسة، وإنما نشجع جميع الاطراف على مباشرة نقاش جدي وصولاً الى انتخاب رئيس جمهورية».
ويوضح السفير نفسه أنّ «الضغط الذي نمارسه ينطلق من وجوب أن يكون متوازياً ومتوازناً وليس التركيز في اتجاه محدد او عبر طرح اسم معين، لان ذلك سيؤدي حتما الى مزيد من التعقيدات في ملف الاستحقاق الرئاسي وإضعاف اي جهد دولي على هذا الصعيد لأنه سيوصم فورا بأنه منحاز».
بالنسبة له، فإنّه بإمكان المجتمع الدولي أن يلعب «دوراً موفّقاً» إذ طرحت الأمور على «بساط أحمدي»، فيما «قيام أي طرف خارجي بالعمل لمصلحته بغية إيصال شخص محدّد سيؤدي إلى المزيد من العراقيل في هذه الظروف الضبابية التي لن تنتهي قبل شهرين عندما تتضح صورة مسار الاتفاق النووي وموقف برلمانات الدول المعنيّة من هذا الاتفاق، الذي إن لم يقرّ فإن الوضع سيكون حذراً».
ويضيف: «انّ عملنا على مفترق طرق: إمّا أنّ يأخذنا إلى انفتاح أبواب الحلول والتسويات، وإمّا إلى المجهول والمزيد من الصراعات».
لا يولي السفير أهميّة للمطالبة بتحرّك «مجموعة الدعم الدولية للبنان» وفق آلية جديدة من اجل تأمين انجاز الاستحقاق الرئاسي، إذ يرى أنّ «هذا ليس بجديد، ونحن نؤكّد في كلّ المراحل على وجوب انتخاب رئيس للجمهوريّة».
أمّا بشأن التفاوض الإيراني ـ السعودي الذي يريح الوضع في لبنان، فإنّه يؤكّد أنّ «هذا الموضوع مهم جداً ولا يتعلق حصراً بلبنان، إنّما بكل الملفات المتفجّرة في المنطقة». ويشدّد على أنّه «من الطبيعي أن نعمل للتقريب بين الرياض وطهران، وهذا الامر يحتاج الى وعي عال وذكاء فائق، بحيث يجب عدم إشعار دول الخليج ان رفع العقوبات عن ايران يعني انتفاء الحاجة اليهم، وإنما يجب الدفع باتجاه تطوير التعاون مع الجميع بالتوازي ووفق قاعدة التوازن».
ويصف السفير نفسه الزيارة التي قام بها ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع محمد بن سلمان إلى موسكو ولقاءه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أنها كانت «مهمّة جداً»، جازماً بأنّ «لقاء بوتين مع محمد بن سلمان كانت له اهمية كبيرة جداً لجهة ايجاد تفاهم مع القيادة السعودية، وعلى هذا الاساس سيتم العمل مع الجميع في كل الملفات التي تحتاج الى حلول».
في رأيه، ان هناك انتقالا من المناكفات الديبلوماسية الى مرحلة النقاش والبحث عن تسويات حقيقية وواقعية لأزمات المنطقة، «لذلك عليكم في لبنان ان تنتبهوا وتستمرّوا في الانضباط تحت سقف التفاهم داخل الحكومة حتى لا تورطوا بلدكم في كوارث جراء تسلل الحانقين على امكانية انفتاح الحلول في المنطقة من الساحة اللبنانية، لخلق بلبلة ومزيد من الازمات».