Site icon IMLebanon

الإغراء المالي الدولي لا ينتخب رئيساً ولا “يوطّن”

الإغراء المالي الدولي لا ينتخب رئيساً ولا “يوطّن” سلام: هل نرفض الدعم لئلا نُتهم بالتوطين؟

بدا الكلام المغري للامين العام للأمم المتحدة بان كي – مون أمس من السرايا، والذي عبر فيه وإن بشكل غير مباشر عن أن تسييل الدعم المالي الدولي للبنان مشروط بانتخاب رئيس للجمهورية، جديدا وغير مسبوق، من شأنه أن يؤشر للمسار الذي ستسلكه المساعدات الدولية المخصصة أساسا لدعم المجتمع اللبناني واقتصاده لتحمل أعباء أزمة اللاجئين السوريين.

لا يصح في رأي أوساط سياسية مطلعة، إدراج كلام المسؤول الاممي عن ربط المساعدات بإنجاز الاستحقاق الرئاسي، في إطار الضغط على لبنان لانتخاب رئيس، لأكثر من سبب، أبرزها أن الربط لا يجوز بما أن مبررات تعطيل الانتخاب خارجية في الدرجة الاولى وليست محلية، وبالتالي لا يعود للقوى اللبنانية الحسم، بل انتظار ما ستؤول إليه كلمة السر الخارجية، التي حتى الآن لم يحن أوانها. والمفارقة أن زيارة بان للبنان تأتي غداة جلسة الانتخاب السابعة والثلاثين التي جاءت نتائجها كسابقاتها، بحيث استمر تعطيل النصاب، واستمر غياب المرشحين الأساسيين عن الحضور في خطوة تعكس غياب الجدية والمسؤولية في مقاربة هذا الملف المهم.

لبعض القوى تحفظاتها عن الدعم الدولي، إنطلاقا مما يرتبه على لبنان من أعباء مالية جديدة لم تعد البلاد قادرة على تحمل كلفتها بعدما تجاوز الدين العام 70 مليار دولار، ولبنان بات عاجزا حتى عن خدمة هذا الدين، فكيف الحال وهو العاجز عن إطفائه؟

لكن لبعض القوى السياسية المتوجسة من زيارة بان ورئيسي البنك الدولي والبنك الاسلامي للتنمية للبنان، رأيا آخر. إذ ترى في الزيارة أبعادا مقنعة ترمي إلى إرساء الفكرة التي تعتقد هذه القوى أن الغرب يعمل على تسويقها، ولا سيما في مؤتمر لندن الأخير، وهدفها توطين اللاجئين السوريين في لبنان والحؤول دون عودتهم الى بلادهم.

ويأتي عدم استقبال وزير الخارجية جبران باسيل المسؤول الأممي في المطار، في هذا الإطار، ويعبر كما قالت أوساطه عن اعتراض سياسي على المقاربة الأممية والدولية لمسألة اللاجئين. وعليه، فإن هذا الفريق ومن يتبنى موقفه، يرى في الدعم المالي الدولي إغراء ليس لانتخاب رئيس للجمهورية، بل لتسهيل التوطين. ويعزّز هذا الانطباع لدى هؤلاء، بدء اتضاح خريطة المنطقة، بدءا من سوريا وما يمكن أن يحمله الحل السياسي من فيديرالية جيوسياسية لن يكون لبنان في معزل عنها.

قد يكون كلام الأمين العام للأمم المتحدة حُمّل أكثر مما يحتمل في هذا السياق. فالمسؤول الأممي، بحسب مصادر مواكبة للزيارة، أراد من كلامه أن يؤكد ضرورة انتظام عمل المؤسسات الدستورية في لبنان واستعادة نشاطها من أجل تسهيل وصول المساعدات الدولية إليه، وذلك لعدم تكرار تجارب مريرة سابقة فوّتت على لبنان فرص الإفادة من الدعم الدولي بسبب تعطل عمل المؤسسات، ولا سيما المجلس النيابي، بحيث تأخر إقرار قروض لمشاريع حيوية كان يمكن لبنان أن يفيد منها، بدل تضييع الوقت في الخلافات الداخلية.

ويعزز هذا التوجه، ما قاله رئيس البنك الدولي جيم يونغ – كيم الذي ربط الدعم المالي بالحكم الرشيد والإدارة السليمة التي تتيح للبنان أن يفيد من هذه الأموال. ولا يمكن أن نغفل هنا الإشارة إلى التجربة المريرة للبنك مع لبنان، كما البنك الاسلامي في ما يتعلق بالأموال المعقودة لمشروع سد بسري، والتي كادت تطير لو لم ينعقد المجلس النيابي في جلسة تشريعية استثنائية ويقر قروضا فاقت قيمتها مليار دولار.

لم يخف كيم أمام رئيس الحكومة استعداد البنك أن يحصد قروضا من دون فوائد تقارب 5 مليارات دولار، ولكن على لبنان أن يؤمن إقرار القوانين المسهّلة لتحقيق ذلك.

وعند هذه النقطة، معطوفة على العناوين المثارة في شأن التوطين، لا يخفي رئيس الحكومة تمام سلام إنزعاجه الكبير من مقاربة الزيارة من هذا المنظار.

ويقول لـ”النهار” إن المسؤول الأممي حرص من خلال وجود رئيسي البنك الدولي والبنك الاسلامي للتنمية على تأكيد الاهتمام الاستثنائي الذي توليه الأسرة الدولية للبنان بفعل تحمله أعباء مليون ونصف مليون لاجئ، في حين تتسابق الأردن وتركيا على الاستئثار بالمساعدات. وماذا نفعل نحن؟ نشكك في الدعم ونضعه في إطار مشاريع لم تطرح معنا لا من قريب ولا من بعيد”. ولم يخف سلام في هذا المجال استياءه من المزايدات السياسية التي تسجل في هذا الإطار، والتي تضخ مناخا سلبياً لا يعود بالفائدة على البلاد”. وسأل: “هل المطلوب أن نرفض المساعدات ونغرق أكثر في عجزنا حتى لا يقال إن هذا توطين؟”. وأضاف: “نحن نطلب المساعدة لنبقى قادرين على التماسك والصمود، في انتظار إيجاد حل، وأؤكد أنه لن يكون على حساب بلدنا”.

وكشف سلام أنه لمس من المسؤولين الثلاثة بدء تحريك مساعدات مؤتمر لندن، وأن حصة لبنان لن تقل عن مليار ونصف مليار دولار”.