IMLebanon

“اليونيفيل” التي تضلّ طريقها منذ 44 عاماً

 

جدّد مجلس الأمن الدولي في 31 آب الماضي تفويض القوات الدولية في الجنوب لسنة واحدة. وتضمّن القرار تعديلاً مهمّاً يتعلّق بحركتها، حيث أكد أنّها لا تحتاج إلى «إذن مسبق أو إذن من أي شخص للاضطلاع بالمهام الموكلة إليها، ويُسمح لها بإجراء عملياتها بشكل مستقل». وأثار هذا التعديل في حينه انتقادات أطلقها «حزب الله». كانت قيادة «اليونيفيل» تنسّق خلال السنوات الماضية دورياتها وتحركاتها مع الجيش اللبناني. وإثر الانتقادات المذكورة، أضطرت قيادة القوات الأمنية إلى الإعلان أنّها تعمل «بشكل وثيق مع القوات المسلحة اللبنانية بشكل يومي، وهذا لم يتغير».

 

لكنّ الأمور لم تقف عند هذا الحد. فالأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله حذّر في خطاب ألقاه في 17 ايلول الماضي، العناصر الدوليين من أنّهم «إذا أرادوا أن يتصرّفوا بعيداً عن الدولة وعن الجيش اللبناني المعني بالحركة في جنوب الليطاني، فإنّهم يدفعون الأمور إلى مكان ليس لمصلحتهم». قبل ذلك التاريخ بستة أيام كان الشيخ محمد يزبك الوكيل الشرعي للإمام الخميني سبّاقاً في الهجوم على قرار مجلس الأمن الذي رأى أنه يجعل الطوارئ «قوات احتلال».

 

مساء الأربعاء سقط جندي ايرلندي من قوات الطوارئ في ما يمكن اعتباره أول أثمان تعديل القرار الدولي. قيل في تفسير مقتله أنه خرج في عربته عن الطريق المألوف فثار عليه «الأهالي» وأطلقوا بوجهه رشقاً من الرصاص. حصل مع العسكري القادم من شمال الكرة الأرضية في مهمة سلام، ما كان حصل مع زميله اللبناني في أرضه، الضابط الطيّار سامر حنا عندما «ضلّ طريقه» جواً فوق تلال الجنوب، فقُتل برشقات مماثلة، ولنا أن نتوقع أحداثاً مأسوية مماثلة في المستقبل لو استمر الإلتباس القائم حول من يسيطر على هذه البقعة من أراضي الجمهورية.

 

لا يستحق سامر حنا ولا الجندي الايرلندي ميتةً من هذا النوع، سامر حنا كان يستحق دولةً تحكم في أرضها، والجندي الأيرلندي يستحق حياةً هادئة في ربوع وطنه، مثله مثل آلاف الجنود الدوليين القادمين من أصقاع العالم لتأدية مهمةٍ جليلة في بلد لم تهدأ حياة سكانه منذ خمسين عاماً. كائناً من يكون قاتل الجندي الايرلندي، وهذا ما لن يكشفه التحقيق الموعود على الأرجح، فإنّ سؤالاً عن جدوى بقاء القوات الدولية في الجنوب اللبناني سيُطرح بقوة لدى أمهات الجنود وفي أوساط سلطات بلدانهم. لماذا يستمر هؤلاء في معاندة «أهالٍ» لا يطيقونهم وعلى حدود خاضعة للأخذ والرد بين «ممثلي الألهة» «وميليشياتها»؟ لقد أمضت «اليونيفيل» 44 عاماً في لبنان وما زالت تضلُ طريقها. فلترحل مشكورة.