Site icon IMLebanon

«الخطر» على اليونيفيل: التهديد هو إسرائيل

 

 

ستة أشهر مرّت على اندلاع المعارك في فلسطين ولبنان، ومأزق الحضور والدور يتعمّق بالنسبة إلى القوات الدولية العاملة في جنوب الليطاني. ليس سهلاً على قوات «حفظ سلام» أن تقوم بمهامها الرسمية، وسط احتمالات التدحرج وتبادل الضربات المستمر بين المقاومة وجيش الاحتلال الذي لا يترك قاعدةً من قواعد الحرب والقانون الدولي إلا ويخرقها.ومع أن حركة الدوريات والتنقّل للقوّة الدولية، عادت تقريباً إلى ما كانت عليه قبل 7 أكتوبر بعد انخفاض شديد للحركة خلال الأشهر الأولى من الحرب. إلّا أن عناصر القوة الدولية، يمضون ساعات طويلة بشكل شبه يومي في المخابئ والملاجئ، ولا سيّما حين يشتدّ القصف الإسرائيلي.

هذا التحدّي، وعدم وضوح أفق وقف إطلاق النار في غزّة وتالياً في لبنان، وضع القوّة الدولية أمام ضرورة التحضير والإعداد لمختلف السيناريوات بخطط متعددة: سيناريو الانسحاب الاضطراري في حال اندلاع حرب واسعة (وهو ما تستبعده قيادة اليونيفيل حتى الآن، لكنها تأخذه في الحسبان)، خيار الصمود والحياد لتمرير الوقت بأقل الخسائر الممكنة ثم العودة إلى العمل بعد الحرب، أو خيار الصبر وتعزيز الحضور في اليوم التالي للحرب إلى جانب الجيش اللبناني. والسيناريو الأخير، هو المعمول به حالياً، وربّما هذا ما يفسّر الحركة النشطة الجديدة للجيش في جنوب الليطاني، رغم عدم تغيّر الظروف على الأرض.

لكن كل هذه السيناريوات تواجه خطراً أساسياً، وهو النيات العدوانية والارتكابات التي يقوم بها العدو الإسرائيلي تجاه المنظمات الدولية والهيئات الأممية والمدنية من غزة إلى لبنان. واليونيفيل ليست بعيدةً عن هذا الخطر، رغم الخدمات التي تقدمها بعض الكتائب والأفراد العاملين فيها للعدو الإسرائيلي، في المجال الأمني والاستعلامي ضد المقاومة.

فتحَتْ حادثةُ انفجار لغمٍ أو عبوة بالمراقبين الدوليين قرب بلدة رميش قبل أيام، الباب أمام الاجتهادات والتحليلات عن خلفيات الحادث، مع محاولات واضحة من بعض القوى السياسية المعادية للمقاومة في الداخل اللبناني لتحميل المقاومة مسؤولية الحادث، فيما يستمر التحقيق الدولي واللبناني من دون تحديد قطعي للجهة المالكة للمتفجرة أو اللغم. وفي كل الأحوال، فإن غالبية المعنيّين بالأمر، لا يعوّلون على قدرة التقرير الفني عن نوع التفجير والمواد المستخدمة، على تقديم أدلّة كافية لاتهام أحد الطرفين، المقاومة أو العدوّ الإسرائيلي، طالما أن الطرفين يملكان موادّ يصنّعها الطرف الآخر نتيجة جهد أمني أو غنائم. عدا عن أن غالبية المطّلعين على الملفّ، يعتبرون أن ما حدث خطأ سببه خروج فريق المراقبين عن إجراءات السلامة المعتادة وغياب التنسيق الفاعل مع القوى المعنية على الأرض، على ما يؤكّد مصدر استخباري غربي لـ«الأخبار».

إلّا أن ذلك لا يلغي التهديدات الملموسة التي تتعرض لها اليونيفيل من قبل العدو الإسرائيلي، وهو ما أكّدته بشكل واضح «الورقة الفرنسية» قبل شهرين، إذ إن النقطة الثانية في المرحلة الثانية من الاقتراح الذي تقدّم به الفرنسيون إلى بيروت وتل أبيب لوقف إطلاق النار في الجنوب تتضمّن الطلب من إسرائيل التعهّد بوقف تهديداتها الخطيرة للسفن الحربية التابعة لليونيفيل، ولا سيّما ما تقوم به الطائرات المقاتلة من إغلاق لأنظمة القصف الجوي ضد السفن. وأبرز الأمثلة على ذلك، التهديد الذي تعرضّت له السفينة الحربية الإندونيسية قبل أشهر قبالة الناقورة، وعلى مدى يومين، بتهديد مباشر من طائرتَي أف 15 إسرائيلية بإغلاق أنظمة الصواريخ على السفينة، ما عرّض حياة عشرات البحارة للخطر الشديد. وهذه الحادثة كشفت عنها «الأخبار» أوّلاً، قبل أن يذكرها التقرير ما قبل الأخير للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، خلال إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي للوضع في جنوب الليطاني.

ومنذ 7 أكتوبر، سّجل ما يزيد على 15 اعتداءً إسرائيلياً هددت حياة جنود القوة الدولية، منها استهداف مقر القوات الإسبانية وتدمير برج للمراقبة في القطاع الشرقي، وليس آخرها استهداف موكب لليونيفيل والجيش اللبناني بالأسلحة الرشاشة في عيتا الشعب قبل شهر، ونجم عن ذلك إصابة آلية للجيش.

وتبدو حصّة الجيش اللبناني أكبر بكثير من حصة اليونيفيل في الاستهدافات، رغم سلوك «الحياد» الذي يمارسه، والضغوط الأميركية على العدوّ لتحييد الجيش خدمةً للأجندة السياسية الأميركية التي تبحث عن دورٍ أوسع لليونيفيل والجيش ما بعد الحرب، وهو الأمر الذي أشارت إليه ورقة المبعوث الأميركي عاموس هوكشتين بصيغة ملتبسة.

وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن الاعتداءات على الجيش تجاوزت الـ 100 على مقارّ ومواقع وحواجز مع تكتّم شديد تمارسه المؤسسة العسكرية على ما تتعرّض له. وبحسب المعلومات المتداولة، فإن التهديد الإسرائيلي للجيش وصل إلى حدّ استهداف موكب لكبار الضّباط من الجيش قرب بلدة بليدا بالأسلحة الرشاشة الثقيلة من مواقع العدوّ أثناء قيامهم بجولة لتفقد المواقع العسكرية، ومن بين المستهدفين كان قائد قطاع جنوب الليطاني.