جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الاربعاء المنصرم، بدت وكأنها اجتماع لاحدى التعاونيات الزراعية في بلدة نائية او سهرة عائلية قرب المدفأة، ذلك تبدى عبر الحضور النيابي الهزيل ويحتاج المرء الى التنجيم والتبصير ليعلم ان ما جرى في المجلس النيابي كان لانتخاب رئيس للجمهورية.
وفي هذا السياق يقول احد المسؤولين السياسيين ان تحديد رئيس المجلس النيابي نبيه بري جلسة جديدة لانتخاب الرئيس في الثامن والعشرين من الشهر الجاري، انما يؤكد ان مسألة الاستحقاق الرئاسي لا زالت تدور في حلقة مفرغة وحركة دون بركة وبمعنى اوضح سبق لرئيس المجلس النيابي ان اشار الى اجواء واشارات ايجابية حول هذا الاستحقاق، ولكن الاجواء المستقاة من دوائر غربية ودائرة ضيقة محيطة ببعض الزعامات والقيادات ومنهم الرئيس بري، تؤشر الى فرملة واضحة المعالم اجهضت الاشارات الايجابية وهذا ما تلمسه بري خلال استقباله المسؤول الايراني لاريجاني وايضا عبر لقاءاته، موفدين دوليين وسفراء غربيين، حيث اجمع هؤلاء بما معناه ان المجتمع الدولي لم يتوصل بعد الى توافق على انتخاب الرئيس لجملة ظروف وعناوين كثيرة ومعقدة لها ارتباطات وصلات بالملف النووي الايراني والحروب الملتهبة من اليمن الى العراق وسوريا وصولا الى ازمة اوكرانيا والتداعيات الاقتصادية جراء هبوط برميل النفط وبالتالي هذا التدني في سعر برميل النفط والازمات الاقتصادية في معظم دول العالم انما هو نتاج الحروب الاقليمية والخلافات السياسية بين اميركا وروسيا، والدول الاوروبية ايضا مع موسكو وحيث الخلافات الغربية – الروسية بدت تذكر بالحرب الباردة، ناهيك الى اعادة رسم خارطة المنطقة العربية ضمن واقع سياسي وجغرافي جديد والامور وفق بعض السفراء الاوروبيين ذاهبة الى التفتيت والصراع المذهبي.
من هذا المنطلق تعتقد اوساط سياسية عليمة ان تلك العوامل تبقي الاستحقاق الرئاسي في الثلاجة، وفي هذا الاطار يقول احد الوزراء المقرب من بعض العواصم الغربية انه صحيح جرى توافق دولي وعمم على العواصم الاقليمية المعنية بالملف اللبناني من اجل تحييده عن نيران حروب المنطقة ولا سيما الحرب السورية الاكثر انعكاسا على الداخل اللبناني، ولكن هذا الامر كان له الوقع الايجابي لعدم انزلاق القوى السياسية اللبنانية باتجاهات اكثر سلبية حيال ما يحدث في سوريا اي جرى تخفيف ضغوطات كبيرة كانت ستؤدي الى اقحام لبنان بشكل اكبر بكثير مما هو عليه الواقع الحالي تجاه الازمة السورية ومرده اصرار دولي ولقاءات واتصالات كثيرة كانت ولا تزال سارية المفعول مع المسؤولين اللبنانيين من خلال عواصم القرار والدور الفرنسي تحديدا وعبر اقنية متنوعة.
وتخلص المصادر مشيرة الى ان مسار هذه الاوضاع افرز واقعا مغايرا لهذا الدور من المجتمع الدولي لتحييد لبنان بمعنى تبين لمن تولوا هذه المهام، انه لا يمكن تحييد هذا البلد عن الواقع المحيط به وخصوصا حرب سوريا بكل اشكالها وتفاصيلها، وعليه من الطبيعي ثمة صعوبة في ايجاد حلول سياسية للملفات العالقة، وفي صلبها الاستحقاق الرئاسي الا في حال التوصل الى تسوية اقليمية عبر غطاء دولي، ولكن مسار الاحداث والتطورات ودخول الارهاب الى قلب اوروبا من اسبانيا الى باريس وتظاهرات في السويد والمانيا والحبل على الجرار ما قد يحدث في اية دولة لاحقا، فكل ذلك يصعب مهمة انتخاب رئيس للجمهورية في وقت قريب الامر الذي تتبدى معالمه عبر هذا الصخب الامني الذي يعم المنطقة وحيث المؤشرات والمعلومات تؤكد صعوبة ايجاد مخرج توافقي للقاء موسكو بين اطراف ائتلاف المعارضة السورية وفريق النظام ولهذه العوامل تداعياتها على الوضع اللبناني برمته.