جاء في الأخبار أن حكومة جنوب افريقيا ادّعت على دولة اسرائيل لدى محكمة العدل الدولية لإرتكابها جريمة الإبادة الجماعية لشعب قطاع غزة. وأن هذه المحكمة حددت اليوم وغدا من الشهر الجاري موعدا للإستماع في هذه الدعوى.
تعتبر محكمة العدل الدولية أحد الأجهزة الخمسة الرئيسية من أجهزة الأمم المتحدة وهي: الجمعية العامة، مجلس الأمن، المجلس الإقتصادي والإجتماعي، مجلس الوصاية والأمانة العامة للأمم المتحدة. وقد تأسست هذه الأجهزة جميعها بموجب ميثاق الأمم المتحدة في العام 1945.
تختص محكمة العدل الدولية بفصل النزاعات بين الدول وبموافقة هذه الدول، فتدين فقط ولا تأمر بإلقاء القبض على الجاني. لذلك فإن هذه المحكمة لا تحاكم افرادا وإنما دولا.
ويجب عدم الخلط بين هذه المحكمة وبين المحكمة الجنائية الدولية لأن هذه الأخيرة تحاكم الأفراد تبعا لمسؤولياتهم الجنائية الفردية عندما يتعلق الأمر بالجرائم الخاضعة للقانون الدولي.
في حين تركز محكمة العدل الدولية على واجبات الدولة ومسؤوليتها الدولية فتقر المبدأ أي أنها تحدد ما اذا كانت الدولة المدعى عليها مسؤولة عن أي فعل ينتهك التزاماتها الدولية. وهذا ما يفسح في المجال للتعويض. لكن المحكمة الناظرة بالنزاع لا تحدد بنفسها مبلغ التعويض لأن هذا المبلغ يتم تحديده عبر التفاوض المباشر بين الدول.
لذلك ليس باستطاعة الأفراد ولا المنظمات غير الرسمية أن يقيموا دعاوى أمام محكمة العدل الدولية.
ثمة اختصاص ثانٍ لمحكمة العدل الدولية وهو تقديم استشارات بشأن مسائل قانونية تحال اليها من أجهزة الأمم المتحدة أو من وكالاتها المتخصصة. وهذا الحق متاح للجمعية العامة للأمم المتحدة ولمجلس الأمن ولسائر فروع منظمة الأمم المتحدة المرتبطة بها بعد أن تأذن لها الجمعية العامة بذلك.
تتألف محكمة العدل الدولية من 15 قاضياً تنتخبهم الجمعية العامة ومجلس الأمن لمدة تسع سنوات من قائمة تعدها المجموعات الوطنية مع مراعاة حسن تمثيل الدول وحسن تمثيل الأنظمة القانونية المعمول بها.
ترفع القضايا الى محكمة العدل الدولية بموجب عريضة تقدم وفقا للمادة «40» من نظام المحكمة الأساسي ويجب أن يتبين منها بوضوح الطرف الذي يرفع الدعوى والدولة المدعى عليها وموضوع المنازعة مع توضيح الأسباب القانونية التي يتبناها المدعي للقول بإختصاص المحكمة.
تطبق محكمة العدل الدولية قواعد القانون الدولي القائمة وهي بحسب المادة «38» من النظام الأساسي: الإتفاقيات الدولية، الأعراف الدولية، المبادىء القانونية العامة، الأحكام والقرارات القضائية الصادرة عن محكمة العدل نفسها في وقت سابق وقرارات التحكيم.
يكون القاضي الدولي ملزماً بالرجوع الى القانون الداخلي اذا لم تتوافر معاهدة او عرف دولي لأن هدف المحكمة هو فضّ النزاعات الدولية طبقا للعدالة الدولية من أجل الحفاظ على السلم والأمن الدوليين.
يمكن للمحكمة في حال اتفق الأطراف ان تؤسس حكمها على «مبادىءالإنصاف» بحيث يصبح الحكم نوعا من التحكيم اكثر مما هو حكم.
لكن اختصاص محكمة العدل الدولية ليس الزاميا وانما هو خيار للدول للإتفاق على احالة قضايا قانونية اليها.
ومن مجرد ان تقبل دولة بإختصاص محكمة العدل الدولية فإنها تصبح ملزمة بقرارات هذه المحكمة. وهذا ما حصل في دعوى جنوب افريقيا ضد اسرائيل عندما قبلت هذه الأخيرة قبول حضور جلسات الإستماع.
إن القرارات التي تصدر عن محكمة العدل الدولية تلزم الدول الأعضاء التي يتوجب عليها الإمتثال لها. ويبقى من حق مجلس الأمن أن يقرر بناء لمطلب الدولة المتضررة تنفيذ الحكم الصادر عن المحكمة.
إن اهمية محكمة العدل الدولية تكمن في أن هذه المحكمة تكرس مسؤولية الدولة المعتدية وتوثق توصيف الجريمة المرتكبة من قبلها.