شكل الرأي الإستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية الذي طالب “إسرائيل” بإنهاء احتلالها غير الشرعي للأراضي الفلسطينية، وضمناً وقف عمليات الاستيطان، خطوةً بالغة الأهمية كونه يطرح مجدداً القرارات الدولية من المحكمة الجنائية الدولية ضد “إسرائيل” وقياداتها السياسية والعسكرية، ويجعل من صدور مذكرات اعتقال من الجنائية الدولية ضد بنيامين نتنياهو، مسالةً محتملة. وعلى الرغم من أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد طلبت هذا الرأي قبل اندلاع حرب غزة، وهو استشاري، لكنه صادر عن محكمة، كما يؤكد العميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ ورئيس مؤسسة “جوستيسيا” الدكتور بول مرقص، الذي يوضح أن “المحكمة تدرس جيداً أي رأي قبل أن تتلفظ به، وخصوصاً أن هذا الرأي جاء نتيجة طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة في تشرين الثاني من العام 2022”.
وفي حديثٍ لـ “الديار”، يشير الدكتور مرقص إلى أن “محكمة العدل الدولية عقدت جلسات طويلة على مدى 6 أيام متواصلة وحضرتها نحو 50 دولة و ثلاث منظمات دولية، كما شاركت في تموز من العام 2023 في جلسات مماثلة، 57 دولة و منظمة دولية، كما أنه في تشرين الأول وتشرين الثاني الماضيين، اجتمعت 15 دولة ومنظمة دولية، من أجل مناقشة وإصدار هذا الرأي الذي تمت تسميته بالرأي الاستشاري”.
وعن مدى فاعلية الرأي الاستشاري، يقول مرقص إنه “من صلب مهام المحكمة، التي تلفظ الأحكام عندما تكون هنالك دعاوى وقضايا، لكنها أيضاً استشارية بالنسبة للأمم المتحدة، وأمّا بالنسبة للدول، وتحديداً الدول التي تحترم القاعدة الحقوقية، فهي تصغي إلى آراء هذه المحكمة وتسير على أساسها، وبالتالي فإن الكثير من دول العالم خصوصاً المتقدمة منها، تأخذ بالآراء ولو كانت استشارية لأنها صادرة عن محكمة دولية تابعة للأمم المتحدة وهي الجهاز القضائي للأمم المتحدة منذ تأسيسها عام 1945 أمّا الدول المارقة المتمردة التي تخرج عن الشريعة الدولية، وتحديداً تلك التي لديها مصلحة في عدم الأخذ بمضمون ما تذهب إليه هذا المحكمة، فإنها تتمرد على آراء المحكمة ولا تأخذ بها”.
وإزاء هذا الواقع، فإن الحل، كما يرى مرقص “يتمثل بوضع هذا الرأي بصيغة الإلزام عبر مجلس الأمن، إذ إنه من الممكن أن تطلب الجمعية العامة من إسرائيل، الالتزام بهذا الرأي الذي يأتي بعد رأي أخر صدر في عام 2004 واعتبر جدار العزل عنصرياً، بمعنى أن هناك تراكماً في آراء هذه المحكمة”.
وعن تداعيات الراي الاستشاري، يؤكد مرقص أنه “يجب أن يعطى قوة ردعية إن لم تكن قوة قمعية أي بالتنفيذ، بمعنى أنه وعلى الأقل، يمكن استعماله في المفاوضات من أجل حثّ إسرائيل على المضي قدماً في بحث احتمالات الحل”.
وعن الموقف الإسرائيلي، يعتبر مرقص أن “الرفض هو أمر متوقع، لأن إسرائيل لم تشارك في جلسات الاستماع التي حصلت في شباط الماضي، ورفضت نتيجة المباحثات بين الدول وبين هذه المحكمة، وقد أصدرت بياناً رفضت فيه اختصاص المحكمة واعتبرت أنه لا يمكن النظر في هذا الأمر لاعتبارات عديدة، علماً أن موقف اسرائيل ليس مفاجئاً، لكن على المدى المتوسط والطويل، يجب العمل على استثمار و توظيف واستعمال هذا الرأي، في المفاوضات حول ملف الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية”.