إسرائيل مرتاحة جداً الى اللا «قرار» في محكمة العدل الدولية الذي لا يلزمها بشيء! بل هو فعلياً يغطي قرارها باستمرار الحرب على غزة! وهي كأنها تقول للمجتمع الدولي (على الطريقة اللبنانية): «بلّوه واشربو مايتو»! والغريب كيف أن الكثيرين سارعوا لاعتبار «قرار» محكمة العدل الدولية انتصاراً! وككل الانتصارات «المعنوية»، فهي ليست واقعية ولا يمكن ترجمتها الى أي نوع من أنواع الحماية لأهل غزة! إن قرار محكمة العدل الدولية أقرب الى التوصيات منه الى قرار ملزم. وحتى هذه التوصيات، وإن طالبت بالتخفيف من القتل إلّا أنها لم تطلب حتى بوقف إطلاق النار!
هل ينفع تكرار مقولتي أن قراراً في الهيئة العامة في الأمم المتحدة بتصويت 193 – 0 لوقف النار في غزة أو في أي موضوع آخر لا قيمة فعلية له؟! وأن القرارات «غير الملزمة» في أي من المؤسسات والمحاكم الدولية تبقى معنوية ولا يمكن «صرفها» على أرض الواقع؟!
كل الطرقات تؤدي الى مجلس الأمن! وحسناً تفعل الجزائر بمحاولة إعطاء صيغة تنفيذية لقرار محكمة العدل الدولية في مجلس الأمن. وإن كان سيواجه على الأرجح فيتو أميركي، وان كان من دون حتى الفيتو الأميركي لا يلزم إسرائيل بوقف إطلاق النار!
في العالم اليوم مؤسسة وحيدة تملك، إذا شاءت، القدرة على تنفيذ قراراتها وهي: مجلس الأمن! وإن كان يخضع لأهواء ولسياسات ولمصالح الدول الخمس الدائمة العضوية، أي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين. كما يخضع بينهم للانقسام بين شرق وغرب! وحده مجلس الأمن قادر على فرض قراراته بالقوة، وقادر على التحرك عسكرياً، فوراً! كما يحدث مع ضرب الحوثيين في اليمن مع تنفيذ قرار مجلس الأمن 2272 المتخذ منذ حوالى أسبوعين فقط بإجماع «واقعي»، والذي بدأ تنفيذه فور اتخاذ القرار!
وحتى قرارات مجلس الأمن يمكن وضع تنفيذها «في الثلاجة» بحسب الرغبات، كما حدث مثلاً مع القرار 425 الملزم لإسرائيل للانسحاب من لبنان، والمتخذ في العام 1978. والذي احتاج تنفيذه مع ضغط مقاوم لبناني الى حوالى 25 سنة. فيما قرارات كثيرة أخرى أيضاً تبقى خارج التنفيذ!
لكن الطريق السليم هو أن يتخذ العرب طريق مجلس الأمن لإقرار حق الدولة الفلسطينية بالوجود، على الأقل على أساس حل الدولتين، الذي لا يلقى اليوم أي معارضة من الدول الكبرى!