عُلّقت المفاوضات السابقة مع صندوق النقد الدولي التي بدأتها حكومة حسان دياب، بعد 17 جلسة، بسبب اختلاف الوفد اللبناني المفاوض حول التقديرات لحجم الخسائر المالية التي سيُبنى على أساسها برنامج الدعم. في الموازاة، انطلقت المفاوضات الجديدة، قبل استئنافها، بخلافٍ حول تشكيل الوفد المفاوض.
شكّل رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي وفداً للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، تمهيداً لاستئناف المفاوضات حول خطة إنقاذ من شأنها أن تضع حدّاً لانهيار اقتصادي مُتسارع ينهَش بالبلاد منذ عامين.
يضمّ الوفد، نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي ووزير المالية يوسف الخليل ووزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، على أن تتم «الاستعانة بخبراء من أصحاب الاختصاص وفقاً للمواضيع أو الملفات المطروحة في مسار التفاوض»، بحسب ما جاء في البيان الرسمي.
قبل بدء مرحلة التفاوض مع صندوق النقد الدولي، يتوجّب على الحكومة ان تضخّ خطة تَعافٍ واضحة وشاملة متّفق على ارقامها وبنودها مسبقاً من قبل الاطراف الثلاثة المعنيّة بتحمّل الخسائر، وهي: الدولة ومصرف لبنان والمصارف، لِتجنّب أي خلافات قد تنشأ لاحقاً في مرحلة التفاوض. وقد انطلقت الحكومة في هذا الاطار من الخطة السابقة التي تم وضعها مع شركة الاستشارات المالية «لازارد» التي زار وفد منها رئيس الجمهورية امس الاول، واتّفق على إعادة صياغة الخطة وتعديل الارقام الواردة فيها حيث ان الخسائر من المفترض ان تكون قد تقلّصت نتيجة تراجع حجم الودائع بما لا يقلّ عن 20 مليار دولار، وبالتالي تقلّصت الفجوة المالية لدى مصرف لبنان.
ثانياً، يتصدر الدين العام واعادة هيكلة الدين الاجنبي والمحلي الأولويّة أيضاً، بحيث يجب الشروع في عملية التفاوض مع الدائنين حول حجم الخسائر والاقتطاع من قيمة السندات السيادية، كذلك اعادة هيكلة القطاع المالي وتحديد كيفية تغطية الفجوة المالية في مصرف لبنان.
ثالثاً، على الحكومة الحرص على وجود توافق سياسي على تنفيذ كامل الشروط والبنود الصلاحية المطلوبة من قبل صندوق النقد الدولي قبل تحرير اي دعم مالي، خصوصا انّ بعض الشروط ستكون غير «شَعبوية» ولن تناسب أجندة الاحزاب الممثلة بالحكومة، حيث انها تتزامن مع فترة حملات الانتخابات النيابية. وبالتالي، من المهم التشديد على أنّ المؤسسات المالية الدولية والدول المانحة تطلب من البلدان التي تعاني ضغوطاً مالية أن تتقيّد ببرنامج صندوق النقد الدولي، قبل الموافقة على تقديم الدعم المالي لها.
رابعاً، تتضمّن الخطوط العريضة للإصلاحات المطلوبة: تنفيذ التدابير المتعلّقة بضبط الإيرادات والنفقات بهدف تقليص العجز المالي، ما سيستوجب اعادة هيكلة القطاع العام وإصلاح نظام التقاعد، معالجة أزمة كهرباء لبنان، تعزيز الحَوكمة ومؤسسات القطاع العام وكبح الفساد. وبمجرد تأمين التمويل الكافي من المجتمع الدولي وبعد تعزيز الاحتياطات الرسمية يجب توحيد أسعار الصرف والانتقال إلى نظام سعر صَرف مَرن.
«بعد بكّير»
في هذا الاطار، قال أحد أفراد الوفد المفاوض المعيّن لـ»الجمهورية»: «بعد بكّير» لانطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، موضحاً انّ هناك اموراً تقنية يجب التحضير لها واعادة تحديث «الداتا» حيث ما زلنا اليوم في مرحلة التواصل المبدئي مع صندوق النقد الدولي.
وفيما اشار الى انّ الحكم استمرارية، وبالتالي يجب الانطلاق من الخطة السابقة التي وضعتها حكومة الرئيس دياب، لكن بعد تعديلها وتحديثها وتجديدها و»شَقلبتها»، مؤكداً ان لا معطيات بعد حول البنود التي سيتم تحديثها من ناحية الارقام والخسائر او الجهات التي ستتحمّلها، «لا يزال المسار طويلاً».
وردّاً على سؤال حول كيفية معالجة الوضع المالي والاقتصادي ولجم الانهيار الى حين البدء بالمفاوضات والتوصّل الى برنامج إنقاذ والبدء بتطبيقه، قال المصدر انها مسؤولية الحكومة معالجة الأزمات الى حين الاتفاق على خطة تَعافٍ وبرنامج إصلاح والحصول على الدعم المالي لبدء مرحلة النهوض.
وبما انّ مسار البدء بالاصلاح بعيد، فإنّ حكومة الرئيس ميقاتي الحالية قد تبدأ المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وتضعها على السكة، إلا انها لن تنهيها قبل حلول موعد الانتخابات النيابية واعادة تأليف حكومة جديدة.