تُبدي مصادر نيابية في كتلة بارزة، حذرها من ألا تكون حسابات السياسة اللبنانية مطابقة لحسابات البيدر التي وضعها صندوق النقد الدولي، كمعبرٍ أساسي وضروري من أجل فتح محفظته، وتخصيص لبنان المليارات التي يحتاج اليها من أجل تفادي السقوط المالي الكبير نتيجة انهيار قطاعاته المالية والإقتصادية والإجتماعية والصحية، وملامسة أمنه الغذائي الخطوط الحمراء، خصوصاً إذا صحّت المعلومات المتداولة في كواليس الهيئات الإقتصادية والتجارية عن نفاد مخزون القمح.
وبمعزل عن المحطة التي تحققت وتتمثل بموافقة الصندوق على التوقيع بالأحرف الأولى على مذكرة تعاون، فإن المصادر نفسها، لا تخفي أن أي إيجابية مترتبة عن هذه الخطوة، هي مطلوبة وبإلحاح، في ظل الظروف الراهنة، وإن كانت تصرّ على أن المسار طويل مع الصندوق، والشروط الموضوعة على الحكومة من أجل الاستمرار بالمراحل المقبلة من المفاوضات، وبالتالي الانتقال من مرحلة المباحثات التمهيدية، التي لا تزال بعيدة لجهة التنفيذ ووضع التشريعات المناسبة وهي بالتالي تتطلب ان تظار مرحلة ما بعد الإنتخابات النيابية المقبلة.
ومن هنا، تقول المصادر النيابية نفسها، ان دخول الساحة المحلية في مدار الإستحقاق الإنتخابي، سوف يؤدي إلى تراجع الإهتمام راهناً بالملف المالي والإقتصادي لمصلحة التحضير للإنتخابات، انطلاقاً من قرارٍ ثابت لدى المجتمع الدولي، وبالطبع لدى إدارة صندوق النقد الدولي، بأن التطورات والمؤشرات السياسية هي التي تفتح الباب أمام التعاون في المجالات المالية والإقتصادية، وبالتالي فإن إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها، يشكل مدخلاً إلى التفاوض على الخطوات المقبلة مع الصندوق، وخصوصاً أن التوقيع الأولي بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي، لا يشكّل نهاية المطاف، ولن يكون الهدف النهائي للدولة أو للمجتمع الدولي، وتحديداً عواصم القرار، وضمناً صندوق النقد الدولي.
ووفق المصادر النيابية المواكبة للملف، فإن المذكرة التمهيدية التي ستوقّع لا محالة بين الوفد اللبناني وبعثة الصندوق، تؤمن مرحلةً من الإستقرار، ولو بشكلٍ محدود على الساحة الداخلية، علماً أنه من المبكر الدخول في أي تصوّرات بهذا الشأن، وعلى المدى الزمني الطويل، وخصوصاً أن الخطوات التي تشترط إدارة الصندوق على الحكومة القيام بها عديدة، وتفترض في الدرجة الأولى إقرار قانون «الكابيتال كونترول» في المجلس النيابي وغيره من التشريعات الضرورية من أجل عملية الإصلاح، وهو ما لم يتحقّق حتى الساعة ودونه عقبات سياسية قبل أن تكون مالية وإقتصادية. وفي هذا المجال، تكشف المصادر ذاتها، أن إقرار القانون ليس خطوة كافية، بل تطبيقه على أرض الواقع هو المطلوب، وهذا ما ينسحب على كل القوانين التي ترتبط بأي برنامج مع صندوق النقد. وبالتالي، فإن المواكبة مستمرة من قبل الصندوق الذي لن يبادر إلى الدفع، إلاّ بعد بدء التنفيذ لكل الخطوات الإصلاحية المطلوبة، وليس فقط إقرار التشريعات والقوانين الضرورية.
وتخلص المصادر نفسها، إلى الإشارة إلى أن تنفيذ أي برنامج تمويل مع صندوق النقد، سيتوزّع على مراحل متتالية تقوم خلالها إدارة الصندوق بمتابعة دقيقة لكل الخطوات والإجراءات المتّخذة في لبنان وبشكلٍ مباشر.