IMLebanon

«التصور الدولي» بين أولوية الرئاسة و«الارض المحتلة» الحوار وسلاح «حزب الله»؟!

وضع تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الحكومة اللبنانية والافرقاء اللبنانيين كافة أمام مسؤولية بالغة الدقة والأهمية، بل والخطورة، وهو يقدم لمجلس الأمن تقريره الدوري حول القرار 1701 الذي هو أشبه بخريطة طريق لحل الأزمات اللبنانية وتحديد الأولويات ومن أين البداية وكيف؟!

وهو إذ يؤكد «بأن الجيش الاسرائيلي لايزال يواصل احتلال شمال منطقة الغجر المتاخمة لشمال الخط الازرق في انتهاك للقرار 1701، فقد ذكَّر إسرائيل بالتزامها بسحب قواتها المسلحة من المنطقة، وفقا للقرار، وحثها على اتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق هذه الغاية… فقد أشار الى استمرار انتهاك المجال الجوي اللبناني في شكل شبه يومي من قبل إسرائيل، في تجاهل تام لسيادة لبنان وأحكام القرار 1701، ما يشكل مصدر قلق بالغ…» داعياً «مرة أخرى حكومة إسرائيل لوقف كل التحليق فوق الأراضي اللبنانية والمياه الاقليمية…».

على ما يظهر، فإن الحكومة اللبنانية، «غير المتماسكة»، لم تعر اهتماماً يذكر لهذه المسألة السيادية البالغة الدقة والخطورة، ولم تجيّر علاقاتها العربية والدولية لاجبار «إسرائيل» على تنفيذ القرارات الدولية، وهي «الدولة العدوة المعصومة عن المساءلة والمحاسبة، دولة برتبة عاصي دائم على القرارات الدولية والمواثيق والقواعد الانسانية، دولة اغتصاب بالوقائع اليومية» وليس في العالم من يرف له جفن عين، تعتقل النساء والأطفال ولا حدود للقتل والتعذيب والتعصب الأقصى والعنصرية المثلى لـ»شعب الله المختار».

لم تحرك الحكومة – الحكومات اللبنانية ساكناً أمام هذا الواقع… ولم يرَ عديدون في تقرير بان كي مون سوى ما ورد لجهة ان «سلاح «حزب الله» لا يوفر الحماية للبنان… وهي مسألة ينبغي معالجتها بالحوار الوطني بمجرد انتخاب رئيس للجمهورية…» هذا في وقت يقر التقرير باستمرار الاحتلال الاسرائيلي لشمال الخط الازرق حيث «هناك خاطر عاليه من سوء تقدير العواقب…».

اللافت، أنه، وفي حين تقر منسقة الأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، بأن «لبنان يواجه التآكل المتواصل للمؤسسات… وتحديات مصدرها شبكات التطرف والمهمشين والأزمة السورية…» وتنأى بنفسها عن وصف «حزب الله» بأنه «منظمة إرهابية» مؤكدة أنه «بالنسبة الينا ليس على أي قائمة…» تلفت الى «اننا مستمرون في التعامل مع جميع الأطراف…».

ليس من السهل القفز من فوق «الأسباب الطارئة» التي وضعت سلاح «حزب الله» مادة خلاف داخلي في لبنان… كما ليس من السهل القفز من فوق الدوافع والأسباب التي تجعل الحزب يتمسك بالسلاح، ويعززه وينميه ويطوره، ويضعه في خانة المقدسات…

المشكلة ليست في السلاح بحد ذاته، بل هي في وجهة استعماله، أين وكيف ومتى ووفق أي قرار…؟ وهذه مادة حيوية لأي حوار مطلوب وبإلحاح… وشعار «السلاح زينة الرجال» لم يعد هو الدافع… وبالعودة الى الوراء، يتبين وبوضوح لا لبس فيه ان «سلاح المقاومة – المقاومات» لم يكن سوى وليد ثلاث: عدو لا يرحم وأطماعه لا حدود لها، وعدوانيته لا تقف عند حد… ودولة  ضعيفة متآكلة ولا مؤسسة عسكرية قادرة على ان تقف على قدميها وتقوم بالواجب في حده الأدنى… وثالثها: وعي شعبي بالغ الأهمية رافض للتسليم بالأمر الواقع الذي كانت تداعياته نزوح وتهجير قسري و…

صحيح ان هناك محطات خرج فيها السلاح عن دوره الحقيقي، وبدّل وجهة الاستعمال، إلا ان هذه المحطات العابرة، كانت ولاتزال سبباً إضافياً لاعادة قراءة المواقف، قراءات نقدية… وهي مسألة «ينبغي معالجتها بالحوار الوطني… بمجرد انتخاب رئيس للجمهورية…» على نحو ما دعا الى ذلك الأمين العام للأمم المتحدة…

لبنان في أزمة – بل في أزمات… والسلاح الموصوف بأنه «غير شرعي» نتيجة لواقع اقليم مصدره الأساس العدوانية الاسرائيلية وتفوقها وضعف المؤسسة العسكرية وغياب الاستراتيجية الدفاعية، التي بقيت حبراً على ورق…

«الحوار الوطني» حاجة ملحة وضرورية… وقد جرّب الأفرقاء اللبنانيون ذلك، والنتائج لم تكن على المستوى المطلوب، وتجربة «اعلان بعبدا» ماتزال حاضرة. واللافت ان الافرقاء كافة باتوا يسلمون «بالأمر الواقع» وهو، ان سلاح «حزب الله»، وان بات يشكّل قلقاً للكثيرين، ومادة ضغط (معنوي) في الداخل، إلا أن الوقت والظروف الداخلية والاقليمية، وقبل ذلك العدوانية الاسرائيلية المتيقظة على الدوام، في غياب الدولة القادرة، تجعل الأولوية في مكان آخر تتمثّل في ملء الشغور في سدة الرئاسة الاولى وصياغة نظام دفاعي متقدّم وبناء استراتيجية دفاعية غير خاضعة لحسابات فئوية او اقليمية… تستطيع مع الوقت وبالحوار حصر السلاح بيد «الشرعية»، خصوصاً وان المناخ العام يعتريه قدر كبير من الضبابية، خصوصاً أكثر عندما يطرح السؤال على قاعدة موازين القوى العسكرية التقليدية… قد نأت «الدولة» بنفسها حتى عن المطالبة بأبسط الحقوق في استعادة ما تبقى من أرض محتلة واختراقات يومية متلاحقة… وتوسعية إسرائيلية تمسك بخناق المشهد اللبناني الذي ينوء تحت أزمات تلو أزمات وهي تشتد وتقوى، كلما طغى خطاب سياسي لبناني داخلي متوتر تتجاذب أطرافه مسائل فاقت أكلافها طاقة لبنان على التحمل…