IMLebanon

ضغط دولي لتطبيع واقع النزوح

تشير الأرقام الرسمية إلى أن إعداد النازحين السوريين في لبنان قد تجاوز المليون ونصف المليون لاجىء، لكن الإحصاءات التي تجريها المنظمات غير الحكومية تتحدّث عن وجود نحو مليوني لاجىء مع إضافة أعداد الذين دخلوا إلى لبنان بطريقة غير شرعية. وانطلاقا من هذه الأرقام أتت صرخة رئيس الحكومة تمام سلام في القمة العربية في نواكشوط، ومطالبته الجامعة العربية بإقامة مناطق آمنة للنازحين السوريين داخل سوريا، والتي رأت فيها مصادر نيابية في كتلة بارزة، «متأخّرة» بعض الشيء، كون النزوح السوري تحوّل إلى أمر واقع في المجتمع اللبناني وفرض نفسه أزمة إضافية إلى الأزمات المتعدّدة التي تعانيها الساحة الداخلية. وإذا كان لافتاً موقف الرئيس سلام، فإن السير في اتجاه إضافة مثل هذه المناطق ما زال صعب المنال، على حد قول المصادر النيابية، والتي اعتبرت أن المناخ الدولي، وليس العربي أو الإقليمي، يسير في الإتجاه المعاكس للتطلّعات اللبنانية، وهو دفع لبنان إلى التأقلم مع واقع النزوح السوري واستيعاب مئات آلاف السوريين الذين يتشاركون الخدمات مع اللبنانيين، ويسعون إلى تعزيز إقامتهم القسرية في لبنان. وقد كشفت هذه المصادر عن وجود خطة تنفذها بعض عواصم القرار للضغط على الحكومة اللبنانية من خلال حملات ترفع عناوين العدالة الإجتماعية وحقوق الإنسان، لفرض شروط جديدة  لإقامة النازحين السوريين وتطبيع وجودهم في لبنان.

وفي هذا الإطار، أكدت المصادر النيابية نفسها، أن ترسيخ التعاون بين واشنطن وموسكو لاستكمال الضربات الجوية ضد تنظيم «داعش» في سوريا وإغفال أي ملف آخر مرتبط بالحرب السورية كملف النازحين السوريين، يعني من الناحية العملية إقراراً من المجتمع الدولي، كما من العواصم الغربية المعنية بهذا الملف، بوجوب التأقلم والسعي إلى تطبيع واقع النزوح في دول الجوار، ومن ضمنها لبنان طبعاً. ولفتت إلى أن تصاعد الهجمات الإرهابية على الدول الأوروبية، قد دفع إلى تخفيف الحماسة لدى مجتمعات هذه الدول لاستقبال المزيد من النازحين السوريين، وبالتالي تكريس النزوح السوري في لبنان، مع ما يرافق هذا الواقع من ارتدادات سلبية بارزة على المشهد الداخلي على كل المستويات الأمنية والإقتصادية والإجتماعية.

من هنا، فإن التمسّك الرسمي بالموقف المعلن في قمة موريتانيا من دون أن يلقى ذلك تجاوباً عملياً من قبل الدول العربية عبر خطة عملية لملف النزوح السوري في لبنان، سيبقى من دون أية أصداء لدى العواصم الغربية، كما وجدت المصادر النيابية، والتي أكدت على وجوب إطلاق حملة لبنانية رسمية مضادة للحملات الدولية التي انطلقت على أكثر من مستوى محلي وخارجي لتثبيت النازحين السوريين في لبنان، وذلك من خلال مواصلة الدعوة إلى إقامة مناطق آمنة تحت رعاية دولية تقام فيها مخيّمات للسوريين داخل سوريا. وأوضحت أن أبرز النقاط التي يجب أن ترتكز عليها هذه الحملة، هي عجز لبنان عن الإستمرار في تحمّل الأعباء الناجمة عن النزوح السوري، خصوصاً على الصعيد الإقتصادي، وذلك في ظل التراجع اللافت في مداخيل الخزينة اللبنانية، إضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة بين اللبنانيين، والتي بلغت 37 % في التقارير الأخيرة الصادرة عن غرفة التجارة والصناعة في بيروت. وأكدت أن المرحلة المقبلة ستشهد إطلاق أكثر من صرخة من قبل الهيئات الإقتصادية في البلاد للتحذير من خطورة استمرار هذا التردّي، في الوقت الذي لا تلوح في الأفق أية مؤشّرات على إمكان حصول دعم فعلي وجدّي من قبل عواصم القرار العربية والغربية للحكومة اللبنانية لاستيعاب الأعباء الهائلة الناجمة عن النزوح.