Site icon IMLebanon

تشجيع دولي للتحركات السلمية في لبنان

لا يزال لبنان نقطة التقاء نادرة بين القوى الدولية الكبرى. لا تتردد أي من الدول الـ١٥ الأعضاء في مجلس الأمن، ومنها الخمس الدائمة العضوية: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين، في تكرار التزامها دعم استقرار هذا البلد الصغير، على رغم ما تقذفه براكين الأزمات في الشرق الأوسط. تبدو العلة الكبرى في فساد الزعماء السياسيين اللبنانيين واهتراء الزمر السياسية اللبنانية.

يكتسب الموقف الأخير لمجلس الأمن أهمية خاصة. لا يشكك أحد في المجتمع الدولي في صدقية مظالم اللبنانيين. من حق الناس أن يتطلعوا الى بلد نظيف. لا يتعلق الأمر برفع النفايات والقمامة من الطرق والأحياء فحسب. هذه أبسط واجبات الدولة متى وُجدَت. يرتبط الأمر أيضاً بتمادي أفراد الطبقة السياسية في تقويض مؤسسات الدولة ونهب مقدراتها. تتنافس هذه الزمر السياسية على نهب مقدرات البلاد، حتى الإفادة من كنس الزبالة ونقلها وطمرها، أو فرزها وتدويرها. لا يعترف هؤلاء بعجزهم عن دخول حياة سياسية سليمة تحد من الأخطار المحدقة بلبنان، وما أكثرها. غير أن التحركات الشعبية والشبابية الأخيرة رفعت مستويات القلق على لبنان لأسباب واقعية ومنطقية.

يستهتر السياسيون اللبنانيون بكل ما له صلة بمؤسسات الدولة. لا يكفي أنهم فاسدون. رهنوا قراراتهم بمصالح خارجية. قدموا مصالحهم الفردية والفئوية والمذهبية على أي مصلحة وطنية. لا يريدون أن يصدقوا أن في امكانهم أن ينتخبوا رئيساً للجمهورية. كيف يكون هذا عند من اعتاد انتظار “كلمة سر” عبر الحدود؟ تلك هي قاعدتهم الذهبية. لم يعطلوا مجلس النواب فحسب، بل جعلوه مهزلة. قرر النواب تمديد تفويض الناس لهم. هذه إهانة مشهودة لأبسط القواعد في أي لعبة ديموقراطية. عطبوا مؤسسة مجلس الوزراء. عطلوا دورها الحيوي. تراجعت مستويات الخدمات العامة الى حدود دنيا. لا كهرباء ولا مياه نظيفة إلا عبر هؤلاء وأزلام هؤلاء. لا أنظمة عامة دائمة لحماية الناس من الأغذية والأدوية الفاسدة أو المنتهية الصلاحية.

بقي الجيش والقوى الأمنية خط دفاع أخيراً عن لبنان. أولويتها القصوى راهناً التصدي لخط الجماعات الإرهابية، والمحافظة على ما تبقى من استقرار ومؤسسات.

عرّت الزمر السياسية اللبنانية هذا البلد من كل أنظمة الحماية والمناعة. لذلك تبدو ضرورية أكثر من أي وقت مضى مظلة الحماية الدولية حول لبنان.

الديبلوماسية الوقائية دفعت مجلس الأمن الى طلب الاستماع الى إحاطة من المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ عن التطورات الأخيرة التي يشهدها لبنان. هذا تشجيع ضروري للتحركات السلمية للمجتمع المدني في لبنان.