عاد الإرهاب مجدداً ومن طرابلس، مما ترك تساؤلات عن هذا التوقيت والظرف الاستثنائي الذي يعيشه لبنان سياسياً واقتصادياً ومالياً وعلى أبواب موسم سياحي، في حين أظهر الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي قدرة فائقة في التصدي للإرهابيين والتأكيد على جهوزية المؤسسة العسكرية لمواجهة الأخطار المحدقة بالبلد.
وفي السياق، تبدي أكثر من جهة سياسية مخاوفها مما جرى في الآونة الأخيرة من عمل إرهابي مدان من كل اللبنانيين وبالتالي المزايدات والخلافات السياسية التي ظهرت تزامناً مع أحداث طرابلس وهي التي تشهد مداً وجزراً في الآونة الأخيرة، وبالتالي بات واضحاً لدى الجميع كما يشير أكثر من مسؤول سياسي أن الإرهاب لا دين له وهو عمل تنبذه كل الأديان، لافتةً إلى أن الالتفاف حول الجيش اللبناني وسائر القوى الأمنية يحصن الساحة الداخلية لأن التوافق السياسي معطى أساسي في هذه الظروف لمواجهة ما يحيط بلبنان من تطورات وتحولات ومتغيرات في المنطقة، وتكشف المصادر عن اتصالات قام بها بعيداً عن الأضواء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من أجل وقف التعليقات السياسية حول أحداث طرابلس باعتبار ما جرى ليس لصالح أي فريق وذلك يعمق الانقسام بين المكونات السياسية والروحية وخصوصاً في هذه المرحلة الراهنة والتي تستوجب أكثر من أي وقت مضى التآلف والوحدة بين كل اللبنانيين.
وعلى خط آخر، عُلم أن الدول الغربية وأيضاً الولايات المتحدة الأميركية كانوا مرتاحين إلى أداء الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي والأجهزة الأمنية في مواجهة الإرهاب والحفاظ على استقرار لبنان، وهذا الأمر هو الذي يشجع تلك الدول على تقديم المزيد من الدعم للمؤسسة العسكرية كونها أثبتت جدارتها في مواجهة أي تطورات وفي سرعة قياسية، مع حرص المجتمع الدولي على تقديم المزيد من الدعم للبنان على المستويات السياسية والأمنية لأن هناك قراراً دولياً بتثبيت هذا الاستقرار على الساحة اللبنانية أمام ما يجري في المنطقة من حروب وأحداث، وكذلك على ضوء ما يُحضر من تحولات عبر صفقة القرن، ما قد يؤدي إلى تغيير وجه المنطقة جغرافياً وسياسياً، وعلى هذا الأساس فإن لبنان يترقب هذه الموجات القادمة إلى الإقليم من خلال تحصين الجبهة الداخلية وتفعيل العمل الاستخباراتي المحلي والإقليمي والدولي، خصوصًا بعد ما جرى في طرابلس، إذ ربما يكون ذلك إما عملاً محدوداً أو له صلات تتخطى ما جرى في الفيحاء، بمعنى عودة داعش لتحريك عناصرها وقواعدها أو ما يسمى بالخلايا الإرهابية النائمة.
وأخيراً، وبعدما تجاوز لبنان حادث طرابلس وإن شابته مزايدات أو خلافات سياسية عبر البيانات التي صدرت من هنا وهناك، فإن هذه المسألة كانت موضع اهتمام الرؤساء الثلاثة لوقف هذا التراشق السياسي الذي لا يخدم أية جهة لبنانية، وبالتالي وبعد عطلة عيد الفطر السعيد هناك توقعات نحو اتخاذ قرارات على مستوى الوزراء المختصين أمنياً مع قادة الأجهزة لاتخاذ الخطوات والتدابير المناسبة للإمساك بالأمن والاستقرار، ولا سيما مع بداية فصل الصيف وانطلاق الموسم السياحي لأن هناك سلسلة مهرجانات واحتفالات وسواح سيأتون إلى لبنان، ومن الطبيعي أن أي خلل أمني له تأثيراته السلبية على هذا الموسم. من هنا الأيام المقبلة ستشهد كثافة اتصالات سياسية إن على خط مناقشة الموازنة في المجلس النيابي ومن ثم والأبرز وقف الحملات السياسية لأن ذلك أيضاً بدوره يؤثر على الموسم السياحي.