ما زالت الاتصالات جارية على قدم وساق بين الأفرقاء المعنيين لتشكيل الحكومة العتيدة وإن كان هناك صعوبة كبيرة في هذه المرحلة لإعادة الثقة بين حلفاء الأمس خصوصاً ما جرى من مساجلات داخل الفريق الواحد، إنما ثمة أجواء بأن معايدة أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، فذلك كسر جليد هذه الخلافات والحملات بين الطرفين على أن تعود الأمور إلى السكة الصحيحة بعد فرصة الأعياد، وثمة أجواء عن اتصالات تجري بعيداً عن الأضواء بين أكثر من جهة سياسية على أن تتكثف منتصف الأسبوع المقبل لأن البلد لم يعد يحتمل ترف سياسي حيال هذا التردي الاقتصادي المخيف وعدم التزام لبنان أمام المجتمع الدولي بما وعد به إثر مؤتمر «سيدر» و«بروكسيل».
وفي هذا السياق، تشير مصادر سياسية متابعة لأجواء الاتصالات الهادفة لتشكيل الحكومة، إلى أن الأمور تبدلت بعد خلاف التيار الوطني الحر وحزب الله والتباينات داخل اللقاء التشاوري إلى ما يجري من تحولات عربية – عربية وعودة بعض الدول المقاطعة لسوريا مثل الإمارات والبحرين إلى فتح سفاراتها في دمشق ومن ثم التصعيد العسكري الإسرائيلي في سوريا، فهذه المسائل من شأنها أن تعيد برمجة تشكيل الحكومة على أساس هذه التحولات والمتغيرات، بمعنى أن تنسجم مع مقتضيات المرحلة الجديدة وحيث هناك معلومات عن استمرار هذه التحولات، ومن الطبيعي سيكون لها انعكاسات وارتدادات على الساحة اللبنانية كذلك على عملية تشكيل الحكومة وكيفية اختيار الوزراء وتوزيع الحقائب وهذا ما سيلزمه وقت جديد الأمر الذي يقر به جميع الأطراف التي تواكب وتراقب ما يجري في المنطقة وعلى هذا الأساس سيبنى في لبنان على الشيء مقتضاه.
وتؤكد المصادر المتابعة أن الاتصالات لم تتوقف إنما ليس مباشرة أو بالواسطة بل كل فريق يجري إعادة تقييم شاملة وعملية حسابات ربطاً بالمتغيرات الأخيرة وقد يحصل تغيير في بعض الأسماء الوزارية والحقائب إذا كان هناك من حكومة في وقت قريب، لأن المعلومات تؤشر إلى أن لبنان سيحظى هذه المرة بتدخل دولي وإقليمي لتمرير الحكومة في لحظة معينة بعد الإجراءات التي حصلت عربياً، وهذا ما سيساعد في ولادة الحكومة لأنه وحين تكون هناك ضغوطات مع عواصم القرار على بعض الدول الإقليمية التي بدورها تمارس نفوذها على حلفائها في لبنان، فذلك وحده من يسهل ويسرع في عملية التأليف وهذا ما قد يحصل بعد إجازة الأعياد لأن المنطقة قادمة على كمٍّ كبير من التطورات السياسية وربما الميدانية في بعض الدول أو مناطق معينة في سوريا، ما يعني عندئذ انه لا يمكن للبنان أن يواكب أو يتابع هذه الأجواء دون حكومة.
من هذا المنطلق بات الجميع محشوراً ومضطراً لدفع عجلة التأليف إلى الأمام ليس على خلفية التحولات السياسية والأمنية في سوريا بل ربطاً بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمالية المزرية في لبنان وخوف وقلق جميع القوى السياسية والحزبية من حصول انهيار شامل لا يتحمله أي طرف، وعلى هذا الأساس قد تلد الحكومة إذا حظيت بهذا الدعم الدولي والضغوطات على المعطلين من بعض الدول الإقليمية والأطراف الداخلية في لبنان، وعدا ذلك ثمة استحالة بأن تبصر هذه الحكومة النور في سياق الخلافات السياسية المتنامية بين معظم القوى السياسية وصولاً إلى ما جرى في الآونة الأخيرة من حملات ومساجلات بين التيار الوطني الحر وحزب الله، إلى حركة الاحتجاجات في الشارع والتي تفاعلت وهذا الحراك المطلبي بدأ يثير المخاوف عند أهل الحكم والطبقة السياسية باعتبار الأمور خرجت عن مسارها وثمة أجواء غير مريحة مما قد يسمح بتوسيع رقعة هذه الاحتجاجات، وعليه أضحى الجميع ملزماً لتصحيح المسار والشروع في اتصالات جدية وتشكيل الحكومة الأمر الذي ستتوضح معالمه خلال الأيام المقبلة، وكل ذلك يأتي على خلفية ارتفاع منسوب التحولات في المنطقة، وبناء عليه لا يمكن للبنان أن يكون متفرجاً على ما يجري حوله والمخاوف من أن تصل شظايا هذه المتغيرات أو التطورات على ساحته المحلية ولا سيما بعد التصعيد والغارات الإسرائيلية على حزب الله وإيران في دمشق والقلق من أن يزداد حجم هذا التصعيد وبمعنى أوضح كل الاحتمالات واردة في هذه الظروف الاستثنائية.