IMLebanon

مفتعلو التخوين يستبقون انتصار “الحزب” بالـ1701!

 

 

 

مشكلة الحاملين على القوى التي تدعو «حزب الله» إلى وقف القتال في الجنوب والمباشرة بتطبيق القرار الدولي الرقم 1701، أنهم ينسون ما يقولونه بعد أقل من 24 ساعة من تفوههم بالحملة التي يخوضونها نتيجة كبسة زر.

 

سواء كانت هذه الحملة تتسم بالصراخ، أم بالتحريض التعبوي أم بالجدال لمجرد الجدال. وسواء كانت موجهة إلى بيان اجتماع معراب، بغض النظر عن أنّ الحضور فيه كان ناقصاً أم لا، نتيجة التباينات بين قوى المعارضة، أم إلى قوى لم تحضر ذلك الاجتماع، فإنّ إطلاق العنان للاتهامات الممجوجة بالعمالة وبخدمة إسرائيل، ترتد إلى القوى نفسها التي يدافع عنها هؤلاء، بما فيها المقاومة، التي تفاوض من خلف الستار، عبر رئيسي البرلمان نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، على الآلية التفصيلية لتنفيذ هذا القرار.

 

وسواء جاءت الحملة ضد الدعوة إلى وقف الحرب جنوباً، عبر تنفيذ القرار الدولي، على ألسنة رموز سياسية أم بأصوات شخصيات تصنف في خانة المقامات، فإنّ استخدام فائض التخوين الذي اتسمت به، يضع هؤلاء في موقف حرج ومتناقض إزاء الحقائق. وبالتعبير الدارج فإنّ الحملة من قبل هؤلاء تضعهم في موقع «سواد الوجه»، لأن ما يتهمون به الخصوم باسم المقاومة، تمارسه المقاومة نفسها، لكن بطريقة غير معلنة.

 

يمكن الإشارة إلى الوقائع التي تسوِّدُ وجوه أصحاب الحملة كالآتي:

 

– أنّ «حزب الله»، وعلى رغم أنه يربط وقف القتال جنوباً بوقف إسرائيل الحرب ضد غزة، لم يتوقف عن المشاركة في المفاوضات الجارية حول آلية وقف القتال في الجنوب، تحضيراً للتوقيت الذي تنجح فيه مفاوضات الهدنة في غزة. فالأجوبة التي يقدمها الرئيس بري للوسطاء، سواء كان وزير الخارجية الفرنسية ستيفان سيجورنيه أو مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين، على الاقتراحات التي يطرحانها، تتم بالتنسيق الكامل والحرفي مع «حزب الله». وهي تتناول أخذاً ورداً، وقف القتال، انتشار الجيش، انسحابات المقاومة وإسرائيل (لا تشمل مزارع شبعا)، تسوية الحدود البرية، ووقف الخروقات الإسرائيلية… والمعطيات المحسومة تشير إلى أن ما تسرب عن توافق شبه كامل بين بري وهوكشتاين خلال زيارته الأخيرة مطلع شهر آذار الماضي على معالجة النقاط الـ13 على الحدود البرية تمّ بعلم واطلاع «حزب الله» الكامل.

 

– يغيب عن الذين يصفون الورقة الفرنسية بأنّها إسرائيلية، ومن يهاجمون أفكاراً أخرى تطرحها جهات غربية، من قبل أصحاب الحملة على بيان معراب أو على قوى أخرى، بأنّ بري وميقاتي حين أدلى أي منهما بملاحظات على تلك الورقة، أخذ بها الجانب الفرنسي، فعلوا ذلك نتيجة التنسيق الكامل والتشاور مع «حزب الله». بل هناك عبارات اقترحها رئيس الحكومة لتعديل الورقة الفرنسية اتفق عليها بشكل حرفي مع «الحزب». فهل يعقل أنّ الأخير يشارك في صوغ «ورقة إسرائيلية» حتى لو كان تعديلاً عليها؟ أم أنه يُفترض الاستنتاج أن فرنسا تشترك مع «المقاومة» في صوغ ورقتها؟ من الأمثلة على ذلك وفق الأوساط الضيقة التي اطلعت على المشاورات مع «الحزب»، أنّ تبديل العبارة التي تشير، في الورقة الفرنسية، إلى انسحاب قواته من مناطق معينة في الجنوب، بعبارة «إعادة التموضع» حصل باقتراح من «الحزب» نفسه!

 

– تخوين مواقف وبيان اجتماع معراب حول وقف الحرب جنوباً، باللغة التي سمعناها، سواء قصد من افتعلها ذلك أم لا، يطال حتى الذين من لم يحضروا الاجتماع لأسباب تتعلق بالحسابات الداخلية وبمن يدعو ومن يترأس أو يبادر إلى ذلك ولظروف متصلة بانتخابات رئاسة الجمهورية… وغيرها. فبين من لم يحضروا بعض النواب المستقلين والنواب السابقين الذين يتحدثون عن «الاحتلال الإيراني» وهيمنة «الحزب» على مؤسسات الدولة وعلى الحكومة. كما أنّ بينهم «الحزب التقدمي الآشتراكي» ونوابه، والذي يعلن رئيسه السابق وليد جنبلاط، والحالي تيمور الإصرار على تطبيق القرار 1701 ليل نهار. هذا فضلاً عن أنّ جنبلاط الأب حين زار صديقه الرئيس بري قبل زهاء أسبوعين صرّح بلغة التفاهم مع الأخير، على ضرورة وقف الحرب بتطبيق القرار الدولي. فهل الهدف من تكبير حجر الاتهامات ضد بيان معراب ترهيب هؤلاء جميعاً؟ أم أن الهدف تخوين الجميع، حتى يبدو الاتفاق مع فرنسا وأميركا وإسرائيل، على تنفيذ القرار الدولي، عندما يحين التوقيت الإقليمي انتصاراً حصرياً لـ»الحزب» وحده بحجة أنه استطاع بالسلاح تحصيل مكاسب للجنوب المدمر جزء منه، والمهجر عشرات الآلاف من أبنائه وبعضهم استشهد… جراء حرب «إسناد» غزة؟

 

لكل هذه الوقائع وغيرها مما يعرف به المعنيون، يفترض بمن انزلقوا إلى الحملة ضد مطالبة «الحزب» في معراب أو خارجها، بوقف الحرب وتنفيذ القرار الدولي، أن يتبصروا قليلاً بما يوحى إليهم من اتهامات ضد الخصوم في الحملات المفتعلة…