Site icon IMLebanon

هل ينجح لبنان في تجنب المواجهة الكبرى؟

 

في زيارة هي السابعة للبنان كموفد شخصي للرئيس الأميركي حضر آموس هوكستين الى بيروت يوم أمس لتكرار أجندة لقاءاته مع كلّ من الرئيس نبيه بري الذي يتصدر المشهد التفاوضي غير المباشر مع العدو الإسرائيلي ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزيف عون. وتتكشف مع كل زيارة دبلوماسية الى لبنان الإختلافات الجذرية التي تعتري مواقف الرئيسين بري وميقاتي حيال تطبيق القرار الدولي 1701 لإنهاء الحرب المفتوحة على لبنان، بل يمكن القول إن لكلٍّ من الرجلين رؤيته الخاصة في تطبيق القرار الدولي.

يثابر الرئيس ميقاتي منذ اللقاء الثلاثي الذي جمعه الى الرئيس بري ووليد جنبلاط في عين التينة في الأول من الشهر الجاري على الدعوة لتطبيق القرار 1701 بكافة مندرجاته وضرورة انتشار الجيش في الجنوب في سياق تطبيق المهام الموكلة إليه في القرار الدولي. هذا وقد أضاف ميقاتي إلى موقفه بعداً جديداً لدى اجتماعه برئيسة وزراء إيطاليا، جورجيا ميلوني، خلال الأسبوع المنصرم، عندما أكد أن «لبنان دفع ويدفع فاتورة غالية ثمن الصراعات الخارجية، وأن النأي بلبنان عن الصراعات الخارجية هو المطلوب، وأن سيادة الدولة اللبنانية على أراضيها هو الحل لكل المشكلات القائمة». بالإضافة إلى كل ذلك أشار ميقاتي بشكل واضح الى ضرورة تطبيق وثيقة الوفاق الوطني، وفي ذلك أكثر من إشارة الى حصرية السلاح بيد الدولة والتمسك بالقرار الدولي 1701، واعتراف ضمني بأن التنازلات التي رافقت تطبيق القرار الدولي منذ العام 2006 هي التي أوصلت لبنان إلى ما وصل إليه.

 

من جهة أخرى رسم موقف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بالتمسك بربط مصير الحرب على لبنان بمصير الحرب على غزة خلال زيارته لبيروت في الرابع من الشهر الجاري الخط الأحمر الذي لا تسمح طهران بتجاوزه. تصريح عراقجي أنهى مفاعيل اللقاء الثلاثي في عين التينة وشكّل نقطة تحوّل في موقف الرئيس بري حيال تطبيق القرار 1701، وقد تجلى ذلك في أكثر من مناسبة كان آخرها توصيف بري لزيارة هوكستين قبل وصوله إلى لبنان بالفرصة الأخيرة لواشنطن لوقف الحرب، ورفضه المسبق بإدخال أي تعديل على القرار 1701 مؤكداً أنه مفوّض من قبل حزب لله.

بالإضافة الى ذلك وجهت تصريحات رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف لصحيفة الفيغارو الفرنسية حيال استعداد إيران للتفاوض مع فرنسا على تطبيق القرار 1701 والتي استتبعها بتصريح آخر: «إن الركيزة الأساسية للشعب اللبناني هو المرشد علي خامنئي والمسؤولون والشعب الإيراني»، أكثر من رسالة في كل الاتجاهات وتحديداً إلى واشنطن بأن التفاوض حول تطبيق القرار 1701 واستقرار حدود إسرائيل يمرّ عبر طهران.

كيف انعكس كل ذلك على زيارة هوكشتين الى بيروت؟

لقد استعاد الموفد الأميركي بعد اجتماعه بالرئيس بري يوم أمس حصيلة المحاولات السابقة التي فشلت في احتواء النزاع على امتداد أحد عشر شهراً وتحذيراته بأن عدم التوصّل الى حل سيؤدي حكماً الى التصعيد، مكرراً «أن ربط مستقبل لبنان بنزاعات أخرى في المنطقة لن يكون في مصلحة الشعب اللبناني وأن الهدف هو التوصل الى اتّفاق شامل يرسي الآلية التي تخوّلنا التأكد من تطبيق القرار 1701 الذي نجح في إنهاء الحرب، ولكن لم يبذل أي من الأطرف أي جهد لتطبيقه وهذا ما أدى الى النزاع القائم حالياً». وإذ اعتبر هوكستين أن الإلتزام بالقرار ليس كافياً، أكّد إلتزام الولايات المتحدة بالوقوف الى جانب لبنان إذا ما اتّخذت حكومته وقادته القرار الصعب.

زيارة هوكستين الى عين التينة تقاطعت مع زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الذي ربما شارك في جزء من الإجتماع، واعتبر بعد لقائه الرئيس بري أن أولويات الجامعة هي الوقف الفوري لإطلاق نار مستدام والإنسحاب الفوري واستعادة القرار 1701 وتنفيذه حرفياً بأسرع ما يمكن وأنه قرار مناسب للتطبيق الفوري.

 

إزاء مواقف طهران التي تطبق على أي إمكانية للحل الدبلوماسي تتظهر المواجهة الدولية مع معها من بوابة تطبيق القرار 1701 التي قد تدفع الحرب الدائرة في لبنان نحو مزيد من التصعيد. إن إحجام لبنان عن المبادرة لتطبيق القرار الدولي بكافة مندرجاته واستمرار محاولات الإلتفاف عليه سيعني بشكل أو بآخر رفض لبنان له وبالتالي انعدام الحاجة لوجود قوات دولية في منطقة جنوب الليطاني، مما سيدفع بشكل تلقائي بالدول المشاركة الى سحب قواتها حفاظاً على سلامتها ريثما يتم الإتّفاق على صيغة دولية جديدة وموثوقة لتطبيق القرار.

قد تعتقد طهران أن التصعيد سيؤدي إلى تحصين وجودها في المشهد الإقليمي لكن المخاطر التي قد تسفر عنها نتائج الميدان قد تؤدي إلى إعادة النظر بالقرار الدولي وربما الى مطالبة إسرائيل بأن تكون جزءا من أي حل دبلوماسي لإنهاء الحرب مع لبنان بما يتضمن تفويضاً أوسع لقوات اليونيفيل وربما إعطاء حرية العمل لسلاح الجو الإسرائيلي لضمان عدم بناء قدرات حزب لله من جديد، وهذان الشرطان تضمنتهما الوثيقة الإسرائيلية التي حملها آموس هوكشتاين معه الى الرئيس بري. فهل تنجح الدبلوماسيتان الدولية والعربية في تجنيب لبنان المواجهة الكبرى؟