IMLebanon

حَـراك محلّي – إقليمي – دولي من أجل تحرير الإرادة اللبنانية وتطبيق القرارات الدولية

 

 

غالباَ ما يعتبر « علم السياسة» أنّ التصرف السياسي السليم يُترجم قولاً وفعلاً، حيث التصريحات والعظات والمقالات والبيانات الحزبية والرسائل الدبلوماسية بكل أنواعها ومضامينها تُعـدّ تصرفاً وتترجم مواقف وقرارات وتحالفات تتزامن مع تحركات داخلية – إقليمية – دولية لبلورة منظومة سياسية مطلوبة لإيجاد خارطة طريق لأزمة معينة يُكتب لها النجاح العملاني. كل ذلك يحصل عندما يكون في الميدان السياسي قادة رأي علمانيين وروحيين يُقاربون وينتمون لـ«دائرة قرار» بمعناها الواسع والعلمي هدفها النجاح والغاية من ذلك الحكمة في التصرف السياسي السليم والموضوعي والقانوني والدستوري وفقاً لشرعة حقوق الإنسان.

ما يحصل اليوم من تصرف سياسي مبني على اللاتوازن واللاقرار وغير المدروس وفقاً للدستور وللشرائع العامة بين جهتين متقابلتين في لبنان والمؤسف أنّ كل منهما تمارس السياسة من حيث التضليل والإستقطاب السياسي وتُسبِّب إشكالية كبيرة بين المكوّنات اللبنانية ممّا يؤّدي إلى تدافع همجي وغير سليم في التصرف السياسي بين ما يُعرف بالمبادئ والمصالح والتي أثبتتْ الأحداث الحالية خطورتها على الجغرافية السياسية اللبنانية وتكاد تقضي على الجمهورية ومؤسساتها المدنية والعسكرية.

 

في الحالة الحاضرة القوانين الدولية والدستور والعلم السياسي يُهملون من قبل أصحاب المقامات الروحية والعلمانية وتتبدّى المصالح الخاصة على مصلحة الوطن وتكثُرْ التصريحات من هنا وهناك «وبضيع الطاسة»، والظاهر اليوم فعلياً وعملياً هناك تقاطع بين المكوّنات السياسية على مبدأ يقوم على المصالح الخاصة مهما كانتْ خطورتها على الجمهورية والشعب. تقدّم مصالح الطبقة السياسية الفاقدة للمصداقية والضمير السياسي المهني على مصلحة الجمهورية والشعب تُمرّر «على عينك يا تاجــر» وتُعلّى على حسابها. حقاً إنها عملية «زنى سياسي بإمتياز» تتحدّى عالم القيم والمبادئ والمُثُــل.

موجبات «علم السياسة» تؤكد لا بل تُلزِم قيام فكرة السلطة على ركيزتين أساسيتين، أولها إدارة موارد الدولة بتحقيق مصالح الناس من خدمات أساسية وثانوية، وثانيها إحتكار ممارسة السلطة الرسمية حيث تصبح هي الجهة المتفرّدة التي يمكنها تطبيق القانون لحماية أمن الوطن والمجتمع وسلمهما. كمركز أبحاث «المركز الدولي للأبحاث السياسية والاقتصادية International Political and Economic Affairs Center – PEAC، لن نستهدف في أبحاثنا ولن نشنّ أي هجوم على طبقة من ساسة أو رجال دين أو عسكر أو رجال أعمال، لكن من بديهيات الديمقراطية أن تُعطى الفرصة لمراكز الأبحاث وللمثقفين على قدم المساواة دونما تفريق لإصدار دراسات علمية – موضوعية مبنية على قواعد «العلم السياسي» تُبرز الأخطاء المرتكبة من قبل ما ذكرناهم من قادة رأي أخطأوا في الممارسة السياسية، لنطرح سؤال بديهي: هل هناك من خطورة في ممارسة النقد البنّاء لممارسات تلك الفئات للعمل السياسي؟

 

«العلوم السياسية» تعتبر «رجل السياسة» من يشغل منصباً سياسياً وهذا يعني أنه مرجعية سياسية تتسم في تصرفاتها بأسلوب سياسي مرن موضوعي قانوني ويقوم بدور إيجابي في حياة المواطنين وفي مصير دولته. في جمهوريتنا اللبنانية عندما تسأل مواطناً لبنانياً عن ساسة لبنان، لن تجد صعوبة في الإجابة فإنها بالإجماع تنحصر بالتالي «جماعة كذابين بيعملوا مصالح الخارج وخرّبونا». سياسة لبنان نقيضة الديمقراطية ولم تلقَ يوماً العناية بالشعب ولا البحث الذي يستحقه، والإستبداد في السياسة اللبنانية ظاهـرة نشأت وتراكمت مع رجال الدين والعلمانيين والإستفراد في الحكم المدني والديني والسيطرة عليهما وتوظيفه لخدمة مصالح فردية لا يزال جاثماً وظاهــراً للعيان لا تخطئه العين المجرّدة.

كفى مقالات وعظات ودراسات كلها مصطلحات باتت شائعة في سياق معالجة الحياة السياسية العامة في البلاد، القافلة تسير وأمور الحكم السلطانية سائرة والوضع العام في الجمهورية بلغ ذروته والتطاول على الدستور والقوانين بات أمراً نافذاً وإدارة الأمور تسلك منهجاً إنحدارياً في درجاته الدونية. عظات وخطب ومواقف لا نعتقد كباحثين تسمح بإعادة إنتاج نظام سياسي جديد نظراً للبيئة الحاضنة التي تنتهج صناعة سياسية مستبدّة، والخطــر يأتي من إستخدام فزّاعات خطــر الإحتلالات وعملياً من يُمسكون بالنظام هم الذين سمحوا للإحتلالات بخرق السيادة الوطنية دون العمل الفعلي على إقامة نظام سياسي فاعل له قواعده السياسية والحزبية الشعبية التي تستطيع ضبط الأمن والسيادة.

في عظة الأحد من بكركي نهار الأحد 23 حزيران 2024 طالب البطريرك الراعي في الفقرة الخامسة منها مجلس الأمن تطبيق القرارات الدولية وأتى على ذكرها: 1559 – 1680 – 1701، إضافةً إلى خطـر إستمرار الفراغ في مقام رئاسة الجمهورية وخطورته على النظام العام، إضافةً إلى وضع المدرسة الحربية «خزّان قيادة الجيش وسائر القوى المُسلّحة» طالباً بإيجاد الحلول لهذه المعضلات.

غبطة البطريرك وسائر البطاركة – سماحة المفتي – شيخ العقل – رجال سياسة شرفاء، إنّ بطء عملية تقاضي حكام لبنان تمثِّلْ أبرز التحديات الأساسية التي تعرقل المهمّة السياسية الشريفة ولذلك إنكم والشرفاء مطالبون بوضع آليات للقضاء على الصعوبات التي أدّت وتؤدي إلى بطء العملية السياسية. جوهــر العمل السياسي أيُها السادة هو حصول المواطن اللبناني على حقوقه ممّا يحقق التوازن وتقدمه… المطلوب تحقيق العدل فعلياً مع إقرار نظام سياسي جديد.

إنّ المطلوب اليوم حَراك محلّي – إقليمي – دولي من أجـل تحرير الإرادة اللبنانية وتطبيق القرارات الدولية، ويكون ذلك بتسهيل عملية الوصول إلى العدالة السياسية الناجـزة بكل الطرق الحديثة، وهذا ما سيؤدي حتماً إلى تخفيف الأعباء عن الجمهورية والشعب وسيحسِّن من جودة الحكم وعملياً سيتعزّز الأمن والسلام والديمقراطية، هيا معاً إلى حَراك محلي وإقليمي ودولي لوضع حــدّ لهذا الواقع المُعاش وإلّا على الدُنيا السلام.