IMLebanon

كرباج العقوبات وخسّة غوتيريس

 

 

زيارة أمين عام الأمم المتحدة إلى لبنان، السيد انطونيو غوتيريس، ذات أهمية كبرى، مع اقتناعنا بأن هذا الموقع الأممي الرفيع ليس في جزيرة منعزلة عن المؤثِّرات والتيارات والأهواء الدولية، وخصوصاً المؤثِّر الأميركي الأكبر، أقله لأن نيويورك هي مقر هذه المنظمة الدولية المفترَض أنها بمثابة الضابط الذي  يقيم التوازن بين المجموعات والكتل الإقليمية والدولية، ما يُفتَرض، أيضاً، أن يُسهم في تحقيق حد أدنى من السلام العالمي. مع الإشارة إلى أن الأمين العام الحالي السيد غوتيريس قد أثبت، بالممارسة، احترامه المبدئي والتزامه دور وقوانين وأنظمة هذه الهيئة العالمية الأرفع.

 

وفي تقديرنا أن جوهر الزيارة الأممية لا يلتقي، فقط، مع التشدد الأميركي – الفرنسي المعلَن تجاه الجماعة السياسية في لبنان، إنما هو يكملها.

 

يُصلت الأميركي والفرنسي سيف العقوبات فوق رؤوس السياسيين، أما الأمين العام فيتحدث عن الجيش ودعمه والمساعدات الدولية للاقتصاد اللبناني ليستعيد بعضاً من عافيته فيبدأ بالوقوف على رجليه، وعن الإسهام في حل الأزمة وتخفيف المعاناة جرّاء الأزمة المالية ذات الصلة بانهيار الليرة اللبنانية (…).

 

إلا أن غوتيريس لم يكن في موقع تقديم الهدايا المجانية… فهو، أولاً، ليس «بابا نويل». وهو ثانياً، لا يملك أن يمون على الدول المانحة ولا حتى على الصناديق المقرِضة… ولكنه يدرك أن السبيل إلى وصول الأموال إلى لبنان له مدخل واحد لا غير، أياً كانت الجهات المانحة أو المقرِضة، وهو الإصلاحات ومكافحة الفساد والتوافق بين أهل السياسة على إنقاذ وطنهم… وهو إذ ناشدهم العمل على ذلك فإنما كان يتمّم المدى الذي ذهب إليه القرار الأميركي- الفرنسي بالعقوبات. وهذا كله يبقى بلا أي معنى، ما بقيت الجماعة السياسية على غِيّها… ويؤسفنا القول إنها باقية. بل بلغت الوقاحة بهؤلاء حد الكذب على الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بالالتزام، أمامه، مراراً وتكراراً… ومن ثم ينأون بأنفسهم بعيداً، وكأن الذين أغدقوا الوعود هم غيرهم… والأبشع: وكأن معانة لبنان وشعبه هي أيضاً في بلد آخر، والأخطر وكأنهم لا يتحمّلون أي مسؤولية في هذه المأساة التي ضربت الوطن الصغير المعذّب.