أي دعم دولي لا يمكن أن يكون خارج القوانين والأنظمة الدولية
ماذا ينتظر الشعب اللبناني بعد كل هذا الإذلال والمهانة؟ وإلى متى سيبقى المسؤولون يتفرجون على حجم المعاناة غير المسبوقة التي يمر بها اللبنانيون، دون أن يبادروا إلى القيام بما هو مطلوب منهم، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، قبل الانهيار المروع الذي لن يسلم منه أحد؟. ومع تفاقم الأزمات المعيشية، لم يكن مستغرباً حصول حالات انتحار في أكثر من منطقة، ما يؤشر بكثير من الوضوح إلى اليأس المتنامي عند عامة الناس الذين فقدوا الأمل بكل شيء.
ومن خلال المعالجات المرتجلة وغير المدروسة، فإن الأزمات الحالية لن ترى طريقها إلى الحل، بدليل أن أزمة المحروقات، ما زالت مستعصية على الحل، فبعد تعهد مصرف لبنان باستمرار دعم المحروقات، وبالرغم من ارتفاع سعر صفيحة البنزين إلى حدود 130 ألف ليرة، إلا أن هذا الإجراء لم يخفف من زحمة طوابير السيارات أمام محطات الوقود، بانتظار اتخاذ الحلول الجذرية لهذه الأزمات، وفي مقدمها تشكيل حكومة جديدة، لا يظهر أن التوافق بشأنها أصبح مكتملاً، على وقع عودة فريق رئيس الجمهورية ميشال عون إلى لغة الشروط التي تؤخر الولادة، في محاولة للحصول على الثلث المعطل بطريقة خفية، وهو أمر يتنبه له الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الذي لا يمكن أن يوافق على أن يكون قرار الحكومة بيد أي فريق. وقد دعت أوساط سياسية، إلى الكف عن سياسة الترقيع التي لن تجدي نفعاً، باعتبار أن طريق الحل يكمن في العمل وبكافة الوسائل من أجل تشكيل حكومة اختصاصيين موثوقة وجديرة بثقة الداخل والخارج، لتباشر اتخاذ خطوات عملية للإنقاذ قبل فوات الأوان، لأن الأمور ما عادت تتحمل المزيد من التعطيل وتضييع الوقت».
ويخشى مقربون من الرئيس المكلف، من نتائج استمرار فريق العهد في ترويج «الإيجابيات» عن قرب ولادة الحكومة، في حين أن لا شيء عملياً يعزز هذا الكلام، لا بل على العكس فإن الممارسة تدحضه، وبالتالي فإن الرئيس ميقاتي المستعجل لإنجاز مهمته، لا يبدو متفائلاً كثيراً، لا بل أنه بدأ يشعر بالقلق، بعد العودة عن التوافقات التي حصلت مع الرئيس ميشال عون. ولذلك فإن الرئيس المكلف، ووفقاً لمعلومات «اللواء»، حاسم لناحية الإصرار على إنجاز التوافق على التشكيلة العتيدة التي أصبحت في خواتيمها، وإخراج الحكومة المنتظرة إلى العلن، ولذلك فهو ما زال يضع كل الخيارات على الطاولة، ومن بينها الاعتذار، وإن كانت المباحثات الجارية بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون، شهدت تقدماً ملحوظاً في اسقاط الاسماء على الحقائب حيث نجحت الاتصالات في تجاوز عقد أساسية كانت تعترض التأليف، وأبرزها وزارة الداخلية.
وسط هذه الأجواء، وفيما لا زال البطريرك بشارة الراعي، من أشد المطالبين بعقد مؤتمر دولي ترعاه الأمم المتحدة من أجل حياد لبنان، كان لافتاً ما كشف النقاب عنه، عن وجود حراك دولي في أروقة الأمم المتحدة، مدعوماً من جهات خارجية، يهدف إلى العمل من أجل وضع لبنان تحت إدارة مباشرة من مؤسسات الأمم المتحدة، بعد تردي أوضاعه الاجتماعية، وفشل الطبقة السياسية الحاكمة في إخراج البلد من مآسيه، جراء فساد الطغمة الحاكمة التي تجاوزت كل الحدود. وليس أدل على ذلك، أن الجميع متورط في عمليات الفساد والتهريب التي تخطت كل الحدود، وسط عجز كامل من جانب الأجهزة الأمنية والقضائية عن التصدي للتهريب، وإغلاق الحدود مع سوريا أمام المهربين.
وتحت هذا العنوان، تدفع أطراف غربية، باتجاه إنشاء «فرقة عمل دولية تحت رعاية الأمم المتحدة والبنك الدولي من أجل تنفيذ الإجراءات الإنسانية والتنمية الاقتصادية بشكل سريع، وهو اقتراح أيضًا تم نقله عبر عريضة من فريق لبناني يسعى إلى تدويل الأزمة من بوابة الأمم المتحدة ضمن عمليات حفظ السلام. لكن يبدو بوضوح أن دون هذا الأمر الكثير من العقبات، يأتي في مقدمها عدم وجود توافق داخلي، وحتى خارجي، على وضع لبنان تحت الوصاية الدولية التي قد تتسبب بخلق أزمات جديدة في لبنان، تضاف إلى ما يعانيه على شتى الأصعدة، عدا عما يمكن أن يتسبب به ذلك، من زعزعة للاستقرار الداخلي والسلم الأهلي.
وقد أكدت مصادر سياسية، أن لبنان يحتاج إلى دعم دولي سريع، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل حصول الكارثة، لكنها شددت على ضرورة أن يكون هذا الدعم مدخلاً لإعادة اللحمة الداخلية، والتخفيف من حجم المعاناة التي ترهق كاهل اللبنانيين، والأهم من كل ذلك، أن يكون أي دعم سوف يتلقاه لبنان، في إطار القوانين والأنظمة المرعية الإجراء، كي لا يصبح لبنان في مواجهة مع المجتمع الدولي، إذا ما أقدم على مخالفة هذه القوانين، ما يحتم التنبه إلى مخاطر الحصول على النفط الإيراني، بالطريقة التي تحدث عنها الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله.