Site icon IMLebanon

دعم دولي – عربي للحريري «لاعادة التوازن الى السلطة»؟

بعزم وزخم ودعم داخلي وخارجي عكسته بقوة بيانات الترحيب الدولية المتتالية، يتطلع اللبنانيون سياسيون وعامة الى انطلاقة عهد الرئيس ميشال عون، في ظل القرار الدولي – الاقليمي الكبير بوجوب تسهيل مسار العهد لوضع حد للانزلاق الخطير للدولة ومؤسساتها الذي انتجه الفراغ، بعدما أمنت «الحكومة السلامية» انتقالا سلميا هادئاً للعهد الجديد، كان يمكن ان يكون بصورة مغايرة لولا صمودها في وجه المطبات والتحديات التي واجهتها منذ ولادتها القيصرية باتفاق شبيه بما نشهده اليوم.

فالحركة الجديدة التي شهدتها الساحة اللبنانية لانجاز الانتخابات الرئاسية،والديناميكية الداخلية التي انطلقت مع وصول العماد ميشال عون الى بعبدا، بعد سنوات الفراغ الاثنتين، لم تنعكس على ما يبدو دوليا بالشكل المنتظر، رغم اتصال الرئيس اولاند بالرئيس عون مهنئا، و«الصمت» الخليجي التام حتى الساعة، فضلا عن الاتصال الاميركي برئيس الحكومة العتيد ومن بعده الرئيس المنتخب معيدا التاكيد على «الاحمرين»، الاستقرار الامني والمالي، اي الجيش ومصرف لبنان، في مقابل «هجمة» ايرانية لافتة ومعبرة لجهة الخطاب والموقف.

واذا كانت باريس، الراعي الخفي للصفقة، كما المجتمع الدولي بمختلف أركانه، سارعا الى الترحيب بالرئيس المنتخب، فان الجميع يترقب تطور المشهد الداخلي الذي عانى من ستاتيكو سياسي ومؤسساتي واقتصادي مدمر خلال الاشهر الماضية، حيث تشير مصادر  ديبلوماسية غربية الى ان اي مساعدات او «انفتاح» لن يتم قبل اكتمال البنيان المؤسساتي وتحديدا بلورة صورة التوازنات الحكومية واتضاح معالم تركيبتها  وبيانها الوزاري، التي ستعطي صفارة الانطلاق  لتحركات الدعم الدولي، الذي تعتبر المصادر انه سيكون لمصلحة تقوية رئيس الحكومة سعد الحريري بحسب المصادر نفسها، بجرعة دعم معنوية ومادية قوية تؤكد عودة لبنان الى الخريطة العالمية واهتمام المجتمع الدولي بمساندته والوقوف الى جانبه في مواجهة التحديات وأبرزها عبء النزوح السوري، بهدف اعادة تفعيل التوازن الذي كسر مع وصول احد اركان محور الممانعة الى الرئاسة، وهو ما يمكن استنتاجه من مبادرة وزيرة الخارجية الاميركي جون كيري بالاتصال ببيت الوسط قبل قصر بعبدا في رسالة واضحة.

في هذا الاطار تكشف المصادر ان الرهان الدولي يرتكز على السير في باقي بنود الاتفاق، والتي تقل اهمية عن بند انتخاب الرئيس، وفي مقدمتها تشكيل الحريري لحكومات العهد، حيث يعول عليه كثيرون لاعادة وصل ما انقطع بين لبنان والدول الخليجية والعربية واعادة ترميم العلاقة التي شهدت تدهورا في الاشهر الماضية، على خلفية مواقف حزب الله،وما نتج من عقوبات ووقف للمساعدات بعدما بات لبنان «تحت الوصاية الايرانية»، بحسب ما يردد المسؤولون في الرياض.

مهمة لن تكون سهلة امام الرئيس المكلف، الذي تكشف أوساطه انه سيطلق سلسلة اتصالات في المرحلة المقبلة هدفها عقد مؤتمر باريس 4 لمساعدة لبنان، بمشاركة خليجية، لمواجهة الضائقة المالية التي يمر بها، تزامنا مع اعمال مجموعة الدعم الدولية.

رهان ينطلق من «اللا ممانعة» التي لن تقف عند حدود الانتخاب والتكليف رئيس الحكومة، بل ستنسحب على التشكيل ايضا وفق ما تقول المصادر التي تتوقع ان تستمر السلاسة التي حكمت الانتخاب بما يؤمن انطلاقة مرنة للعهد الجديد الذي سينكبّ على معالجة شؤون الداخل وازماته المتراكمة، بناء لنصائح خارجية أسديت من اكثر من طرف بضرورة «ابعاد لبنان عن الصراعات الخارجية» (على ما ورد حرفيا في خطاب القسم) والتركيز على تلبية حاجات اللبنانيين اليومية بعيدا عن الملفات التي تفوق القدرة اللبنانية على مواجهتها والمزهوين بانجازهم اتفاق لبناني – لبناني 100% خلافا للواقع والحقيقة.

وفي هذا الاطار تعتقد مصادر سياسية مطلعة على مجريات التطورات الداخلية والغطاء المحلي والاقليمي والدولي الذي توافر للعهد الجديد ان عملية تشكيل الحكومة لن تستغرق اكثر من شهر، خصوصا ان عناوينها متفق عليها خارجيا، ليبقى شكلها رهن الاتفاق الداخلي، حيث تشير الى ان حارة حريك لن تترك العهد الجديد ورئيسه دون سند. من هذا المنطلق لن ترضى الطائفة الشيعية بالبقاء خارج مندرجات هذا التفاهم الذي افضى الى ملء الشغور الرئاسي وتركيبة العهد الجديد حكماً وحكومة، لتكون ممثلة بحصة وازنة للرئيس بري.

بين الرئاسة العونية والحكومة الحريرية يمكن لعجلة الدولة ان تعود الى ما كانت عليه، خصوصا اذا ما تمكن «الشيخ» من كسر الحجر الخليجي بحسب مصادر مقربة من الحريري، على دعم لبنان ومساعدته واستعادة الهبات السعودية المجمّدة اعتراضا على ما اعتبرته المملكة انحيازا لبنانيا للمحور الايراني. رهان يفترض ان يتحول الى واقع يعوّم الحكومة الحريرية، ناقلا لبنان من مرحلة الانهيار الذي كان على شفيره الى حقبة الصمود في وجه العواصف الى حين اتضاح المشهد الاقليمي.