ليس واضحاً ما اذا كان اجتماع مجموعة الدعم الدولية في السرايا الحكومية بدلاً من الخارج منذ انشائها في ايلول 2013 في نيويورك يترك تأثيراً ضاغطاً على الافرقاء السياسيين ام ان فاعلية مجموعة الدعم ليست مؤثرة انطلاقا من ان التأثير الخارجي في لبنان لم يعد دولياً في هذه المرحلة بل غدا اقليميا مع كل من النفوذ السعودي والايراني في لبنان وان ثمة حاجة لاستخدام النفوذ الدولي مع الدول الاقليمية من أجل الدفع في اتجاه اخراج لبنان، من الشغور الرئاسي. الاجتماع في بيروت مقدار ما يعبر عن انشغالات الخارج ومجموعته الدولية وعدم امكان ان يشكل لبنان أولوية لديها في ظل اوضاع متدهورة باستمرار في كل المنطقة، فانه يعطي دفعاً لموقع رئيس الحكومة تمام سلام ولبقاء الحكومة في مرحلة تعرضها لبعض التهديدات الحقيقية.
وقف سفراء هذه المجموعة عاجزين قبل شهر حين اجتمعوا مع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في 16 نيسان الماضي للطلب اليهم بإلحاح القيام بما امكن من اجل المساعدة في ملء الشغور الرئاسي عن تقديم اكثر من سلاح الموقف ومحاولات الاقناع التي قاموا بها لدى الافرقاء السياسيين من دون جدوى. لم يستطيعوا سوى تقديم بيان يحض الافرقاء اللبنانيين على ملء الشغور الرئاسي فيما هم يعملون على اولويات ومصالح مختلفة في الوقت الذي كان على جدول اعمال بعض السفراء اتصالات محتملة مع كل من المملكة السعودية وايران او زيارات لكل من الرياض وطهران عل في قدرتهما تقديم المساعدة. لكن الانشغالات الاقليمية والدولية الطاغية لكل من البلدين المعنيين لا تبدو مشجعة على الامل بأي نتيجة محتملة في هذه المرحلة وكذلك الامر بالنسبة الى احتمال تلاقي الأهداف لديهما على مصلحة لبنان في هذه المرحلة في ظل تضارب قوي لمصالح العاصمتين في المنطقة.
وعلى رغم اهمية اتكاء لبنان على ما بات يطلق عليه اسم المظلة الدولية التي تشكلها في الواقع مجموعة الدعم الدولية انطلاقا من ان الدول الكبرى المختلفة على مسائل كبرى من اوكرانيا الى سوريا وسواهما، لا تزال متوافقة على النقاط او العناوين الكبرى في الوضع اللبناني، فان الدعوات المتكررة من المجموعة الدولية لا تجد الصدى الايجابي اللازم. فيما البيان في نقطته الثانية يؤكد استمرار المظلة الدولية من خلال القول ان الوضع في لبنان يحتاج الى دعم دولي مستدام من اجل الحفاظ على امن البلاد واستقرارها. وهما النقطتان اللتان تشكلان قاعدة التوافق الدولية الفعلية جنبا الى جنب مع الدعوة الى انتخاب رئيس جديد ودعم لبنان استقبال اللاجئين السوريين. وفيما تقول مصادر سياسية لبنانية ان الحد الادنى من التوافق الخارجي حول لبنان لا يؤمن أكثر مما يؤمّن له انطلاقاً من وجود مصالح لا تسمح بالضغط على الافرقاء المحليين للسير قدما في الاستحقاقات، فيما ثمة اختلافات بالرأي حول سياسة النأي بالنفس واعلان بعبدا، تدافع مصادر ديبلوماسية عن عدم قدرتها على التأثير والضغط بان الكرة الفعلية في مرمى الافرقاء اللبنانيين الذين يسلمون للخارج بتأثيره ولا ينوون انتزاع قدرة التأثير هذه من خلال ممارسة مسؤولياتهم او تحملها.
بعض المصادر رأت ان الوضع اللبناني الذي يذهب الى اقتراحات قصوى يمكن ان تتهدد نظامه السياسي بدا انه يحتاج الى ضوابط تحذيرية اعاد بيان المجموعة الدولية التذكير بها من زاوية التأكيد في شكل اساسي على انهاء الشغور في سدة الرئاسة الاولى مع “مطالبة القيادات اللبنانية بالتزام دستور لبنان واتفاق الطائف والميثاق الوطني في شكل اساسي وبوضع استقرار لبنان والمصلحة الوطنية قبل المصلحة الحزبية”. وتقول المصادر الديبلوماسية ان العمل على نغم محاولة تمرير تعديلات دستورية ينطوي على خطورة كبيرة على الوضع في لبنان في المرحلة الحالية ومن المهم اعادة الحوار او ابقائه من ضمن السقف السياسي الذي يتيحه الدستور راهنا وليس من خارجه خصوصا ان فتح باب التعديلات الدستورية قد تعرف بدايته ولكن لن تكون واضحة نهايته. وتجدر الاشارة الى ان العزف على هذا الوتر اي تعديل الدستور بين مدة واخرى يثير خشية أفرقاء سياسيين. بعض السياسيين لم يروا مثلا في اصرار النائب وليد جنبلاط في شهادته امام المحكمة الدولية في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري على اتفاق الطائف اصراراً عبثياً في هذا الاطار بل هو مقصود من ضمن ايمانه بأن هذا الاتفاق يحمي الوضع اللبناني واستقراره راهنا. فيما يخشى سياسيون آخرون من ان اطالة مدة الشغور الرئاسي وتوالي الاستحقاقات من شأنهما ان يطرحا سلة كاملة للبحث يصعب ايجاد حلول لها من دون اعادة وضع الدستور اللبناني على الطاولة بناء على اعادة النظر في توازنات جديدة او مختلفة في المنطقة او كأثمان بديلة. وينبغي الاعتراف بان اعادة زعيم التيار الوطني الحر العماد ميشال عون الاعتبار الى اقتراحات اثارها قبل عام وتستدعي تعديلات دستورية يهدف من ورائها الى محاولة ضمان وصوله الى الرئاسة، يراه سياسيون بمثابة محاولات متكررة للدفع من جانب مسيحي في هذا الاتجاه بالنيابة عن “حزب الله” او بما يصب في خدمته من خلال تهديد اتفاق الطائف وهو ما قد يعطي مشروعية لمطالبات لاحقة من جانب الحزب على رغم ان خلاصة اي تعديلات لن تكون في مصلحة المسيحيين وفق ما تجمع على ذلك آراء سياسية متعددة في هذا الاطار.