Site icon IMLebanon

شروط الدعم الدوليّ

 

يشبّه دبلوماسيّ عريق الوضع في لبنان بطائرة أصابها خلل في الجوّ، وتحتاج إلى هبوط اضطراريّ، فيما يتلهّى طيّاروها بتقاذف المسؤولية عن أسباب الخلل، ويمتنعون عن قيادة الطائرة وإنقاذ ركابها.

 

في الواقع، ينتظر اللبنانيون معجزة تنقذهم من براثن هذه السلطة السياسية التي أوصلتهم إلى الهاوية، وما زالت مصرّة على الإمساك برقابهم بلا أيّ رحمة ولا خطة ولا رؤية.

 

لا يصدّق الدبلوماسيون العرب والأجانب ما يرونه في السلطة السياسية من إنكار للواقع المخيف، حيث يتصرف المسؤولون والقوى السياسية «وكأنّ شيئاً لم يكن»، فيما البلاد على مشارف الانهيار والفوضى.

 

لا تنفي دوائر القرار الدولية قلقها الكبير على لبنان، ولا تنكر الترابط في ما يحصل على مستوى المنطقة، وخاصة في العراق ولبنان، والتدخل الإقليميّ وتناغم قوى لبنانية مع اللاعبين الإقليميين.

 

وتؤكد هذه الدوائر أنّ «الضغوط القصوى» التي تمارسها واشنطن على ايران ستتواصل وبعمق أكبر، وأنّ «الوضع في إيران مأساوي على رغم إنكار القيادة الإيرانية»، لكنّ ذلك لا يعني أنّه سيحصل في لبنان.

 

ويكشف الدبلوماسي أنّ ممثلي الدول الخمس الكبرى، اجتمعوا في نيويورك للبحث في المستجدات اللبنانية، ولم تكن الأمور واضحة بالنسبة إليهم، باستثناء نقطتين أساسيّتين هما: عدم تشكيل الحكومة، والتدهور إلى أين يمكن أن يصل.

 

والأمر المزعج بالنسبة الى المجتمع الدولي، ليس شكل الحكومة، ولا رئيسها، ولا مشاركة «حزب الله» أو عدم مشاركته فيها، وإنّما عدم وجود قيادة تعمل على معالجة الوضع اللبناني المأزوم، وبالتالي غياب أيّ شريك يمكن التعاون معه لمساعدة لبنان.

 

وتكشف المعلومات أنْ لا أحد من الدول الصديقة يمتلك أجندة أو تصوّراً لإنقاذ لبنان، وانّ مهمات الموفدين الفرنسي والبريطاني وممثل جامعة الدول العربية لم تتعدّ الاستطلاع والاستيضاح.

 

وعن تأجيل الاجتماع الأميركي – الفرنسي – البريطاني في شأن لبنان هذا الاسبوع، يؤكد الدبلوماسي أنّ السبب هو عدم وجود حكومة في لبنان، ولا بدّ من تأليف حكومة ومعرفة شكلها وأهدافها وبرنامجها قبل البدء بالبحث عن مساعدة لبنان.

 

ولا يخفي الدبلوماسي خوفه وقلق المجتمع الدولي مما آلت اليه الأوضاع في لبنان، وطريقة تعامل السياسيين اللبنانيين مع الازمة الخطرة دون أيّ مراعاة لعامل الوقت والحاجة الماسة لإجراءات تنفيذية لإنقاذ التدهور الاقتصادي. ويشدّد على نقاط عدّة شكّلت رسائل أبلغت إلى كلّ المراجع والقيادات السياسية اللبنانية، وأبرزها:

 

1- ضرورة الإسراع في تأليف حكومة لمواجهة المخاطر، وعدم الرهان على أنّ الوقت لم ينفد بعد.

 

2- لا يتوقف المجتمع الدولي عند شكل الحكومة، تكنوقراط أو تكنوسياسية، لأنّ هذا الأمر هو شأن لبناني.

 

3- لا يضع المجتمع الدولي أيّ فيتو على مشاركة أيّ فريق لبناني في الحكومة، سواء أكان «حزب الله» أم غيره، وإن كان الأميركيون يُسَرّون بعدم مشاركته فيها.

 

4- لا ينصح المجتمع الدولي بالمغامرة في تأليف حكومة من لون واحد لأنّ الناس لن تقبل بها كما أنّ شركاء لبنان الدوليين لن يقدموا أيّ مساعدة لها، وبالتالي ستجد نفسها عاجزة أمام تحدّ اقتصاديّ وماليّ خطر.

 

5- المجتمع الدولي جاهز لمساعدة لبنان، لكنّه يحتاج إلى شريك (حكومة) ذات مصداقية للتعاون معه.

 

6- لا تتجاهلوا الناس ومطالبهم في الشارع، ولا تأتوا بأسماء تستفزهم ولا تستعملوا القوة في مواجهتهم، لأنّ لبنان ليس العراق. وفي المقابل لا يجب إقفال الطرق لأنّها تساهم في الانهيار.

 

7- لن تكون الحكومة مثالية، ولكن يجب أن يقبلها الناس والمجتمع الدولي، وأيّ حكومة ستؤلف سيكون هناك من يعترض عليها وإن بنسب متفاوتة.

 

ويؤكد الدبلوماسي أنّ هناك مؤشرات إيجابية لكن لا يمكن البناء عليها قبل تأليف الحكومة التي تتبادل القوى والأحزاب السياسية المناورة في موضوع المشاركة فيها وتحاول الحفاظ على مواقعها ومكتسباتها ونفوذها.

 

وإذ يؤكد الدبلوماسي استمرار الدعم الدولي للجيش اللبناني يأسف قائلاً: لديكم سياسيون أذكياء ولكن ليس لديكم رجال دولة.