Site icon IMLebanon

حائط المبكى الأممي

 

تحدّث الرئيس ميشال عون،  أمس، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ملقياً كلمة لبنان في هذه المناسبة السنوية التي يغتنمها رؤساء الدول كبيرتها والصغيرة، للاستفادة من هذا المنبر الأعلى في العالم لعرض تطلعاتها وللقول: نحن، أيضاً هنا. إلاّ أنّ الجميع يعرف يقيناً أن هذا المنبر، العالي جداً، هو في واقع الأمر مجرّد حائط مبكي أممي سرعان ما ينتهي مفعول الكلمات فيه حتى من قبل أن يجف حبرها، أو أن يندثر صدى صوت قائليها تحت تلك القبّة التي انبثقت من إرادة دولية بعد ويلاتٍ الحروب العالمية والإقليمية…. ومن أسفٍ شديد أنّ هذا الهدف النبيل تبخّر كلياً، إذ من النادر أن تكون الأمم المتحدة قد توصلت الى حل معضلة واحدة. وتكفي مراجعة سريعة، للتطورات العالمية، منذ أربعينات القرن العشرين الماضي وحتى اليوم. فالحروب تتناسل من دون أن ينتهي أيّ منها بتداعياته على الأقل إن لم يكن بوقائعه القتالية.

 

ويزيد  من مرارة هذا الواقع أنّ الولايات المتحدة الأميركية التي تهيمن على الهيئة الأممية الأفعل، المنبثقة من الهيئة  العامة، عنيت  بها مجلس الأمن الدولي، تفرضُ قرارها وتتحكم بالمسار… خصوصاً بموجب السلاح الأمضى عنيت به الڤيتو الذي هو بمثابة السيف القاطع في يدها، سرعان ما تستله من غمده كلّما كان الأمر يتناول حقاً عربياً فتعرقله، خصوصاً عندما يكون ذا صلة  بالقضية الفلسطينية. وهي لم تتردّد في التصويت ضدّ أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار حتى ولو كانت متفردة بالقرار أو معها إسرائيل، علماً أنه لو كان نظام الڤيتو معتمداً في الهيئة العامة لكانت استخدمته.

 

وتلجأ واشنطن، بين وقت وآخر، الى التلويح بما يتجاوز «الڤيتو» وهو قطع الأموال عن الأمم المتحدة، وهي تتحمل قسطاً كبيراً من ميزانية الهيئة ولكنها هي التي ارتضتها ولم يفرضها عليها أي طرف آخر، أو أي دولة.

 

وكثيراً ما مارس الأميركي عنجهيته على الدول الأخرى إن لجهة التحكم بتأشيرة الدخول لرؤساء وأعضاء الوفود… وأيضاً للإساءة المعنوية لرؤساء وأعضاء. وقد نال لبنان نصيبه من هذه التصرفات المرفوضة والتي  تتنافى مع أبسط القواعد الديبلوماسية وحتى الأخلاقية وأيضاً تتعارض مع مفهوم المنظمة الدولية وحتى مع أنظمتها.

 

ولا يغيب عن البال الأسلوب الذي اعتمده «اليانكي» الأميركي مع الرئيس الراحل  المرحوم سليمان فرنجية عندما ذهب على رأس وفد كبير للمشاركة في أعمال دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة وكان ناطقاً بإسم لبنان بالطبع ومكلفاً (رسمياً) أن يتكلّم بإسم العرب جميعهم ليعرض الموقف الموحّد من القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره في أرضه. يومذاك أقدم الأميركيون على إخضاع حقائب رئيس لبنان الى التفتيش واستخدموا الكلاب البوليسية المدرّبة للمشاركة في التفتيش! وكانت  تلك رسالة أميركية – إسرائيلية بلغت ذورتها في حروب الآخرين على لبنان بدءاً من 14  نيسان 1975.