الضرب على الخاصرة هو الأكثر إيلاماً، كما لدى البشر كذلك في السياسة! وهذا هو الأسلوب الأكثر شيوعاً بين الدول العظمى في صراعاتها وسباقاتها على الهيمنة، على مدار الكوكب، ولا سيما بين أميركا وروسيا… وهذه هي أقصر طريق لإلحاق الأذى بالخصم والمنافس، وخوض الصراع بصورة التفافية لتجنب مواجهة مباشرة بين القطبين قد تقود الى كارثة عليهما معاً، وعلى البشرية! والدراسات الاستراتيجية في هذا الشأن، يؤكد بعضها، أن أية حرب جديدة – حتى لو كانت بأسلحة تقليدية وعلى نطاق محدود – تندلع بين أميركا وروسيا في أوروبا أو في أي مكان في العالم، ستتحول سريعاً الى حرب نووية شاملة، وبخاصة اذا كان على رأس القيادة في أحد القطبين مهووس موصوف مثل دونالد ترامب المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية!
***
البيت الأبيض الأميركي متفوق على الكرملين حتى الآن في حرب الخواصر… ضرب أولاً الخاصرة الروسية في عقر دارها في أوكرانيا. وبولندا خاصرة روسية أخرى موجعة، ومسرح لمناورات استفزازية لحلف الأطلسي! وهذا فضلاً عن الخواصر الأخرى على الحدود الروسية أو غير بعيد منها، حيث تنشر أميركا قواعد صواريخ استراتيجية! وسوريا ليست خاصرة أميركية بأي مقياس كان… بل هي على العكس خاصرة روسية مرشحة للطعن من أكثر من جهة، بصورة مباشرة أو غير مباشرة! ولأن موسكو تخسر حرب الخواصر مع أميركا، فإنها تفضل سلوك طريق المساومات مع واشنطن، واتباع أساليب ضغط أخرى في الميدان، للتقليل من حجم التنازلات لها!
***
ثلاث قوى في الشرق الأوسط تقع على اطراف المنطقة العربية، وتتصرف كدول ذات سيادة وتملك قرارها بيدها، وهي: اسرائيل التي تتحدى البيت الأبيض في عقر داره، وتفاوض الكرملين وتدعوه الى تنازلات مسبقة تعبيراً عن حسن النية! وتركيا التي رغم كل ما قيل عن نزق رئيسها اردوغان، فإنها نجحت بهزّ أوروبا بعصا النازحين السوريين. وايران التي فاوضت طويلاً العالم ممثلاً بمجلس الامن الدولي اضافة الى ألمانيا، وأنقذت نفسها من براثن العدوان، تتمدد في أكثر من اتجاه! اما المنطقة العربية فهي عبارة عن أنظمة في غالبيتها هي خواصر مفتوحة! وحتى الدول العربية المقتدرة التي لم تجد من يفتح ويضرب خواصرها، فتحت خواصرها الرخوة بنفسها!