IMLebanon

تحذيرات دولية من ايّ اجراءات تستفز السنة

لم يكن مفاجئا لاحد ان تعمد المملكة العربية السعودية الى قلب الطاولة فوق رأس التسوية التي كانت عرابتها بعدما اختلّت التوازنات التي قامت عليها، فكانت الاستقالة الحريرية بتبريرها الامني الضربة الاقصى للعهد العوني، دافعة نحو قواعد اشتباك جديدة للعبة الداخلية بعد انفراط عقد ربط النزاع الذي قام داخل مجلس الوزراء.

فالاعتراض وعدم الرضى السعوديان الضمنيان على مسار العهد والحكومة، منذ تبرير رئيس الجمهورية وجود سلاح حزب الله وربطه بالتسوية الاقليمية، وصولا الى «حياديته» في الحملات المنظمة ضد المملكة والتي شارك فيها مسؤولون من تياره، مرورا بالصمت الرسمي عن استمرار وجود حزب الله في سوريا والاهم تحريكه لخلاياه في الكويت والبحرين وشرق المملكة واليمن، كان كفيلا بدفع الامور الى الانفجار، بحسب اوساط في تيار المستقبل، في ظل التوجه الدولي -الاقليمي لتحجيم الدور الايراني ولي اذرع طهران العسكرية وعلى رأسها حزب الله، فالرياض لا يمكنها ان تكون في الوقت نفسه شريكا في المعركة ضد حارة حريك على مساحة المنطقة في الوقت ذاته الذي تغطيها فيه سياسيا في لبنان عبر الحكومة الحريرية.

غير ان اللافت وسط هذه القراءة مسارعة صقور فريق الثامن من آذار الى اعتبار الرئيس الحريري «رهينة واجب تحريرها»، في خطوة اعتبرتها المصادر نفسها فتحا للباب امام رئيس الجمهورية لعدم قبول استقالة الحريري ما دام انه لن يحضر الى لبنان لتقديمها وشرح مبرراتها لرئيس الدولة، وفقا لما تنص عليه الاصول والاعراف، وهو ما لن يحصل في ظل وجود الخطر الامني الذي تحدث عنه الشيخ سعد نفسه، على ما تشير المصادر، ما يعني عمليا دخول لبنان مرحلة شلل حكومي يتحول معها كل وزير الى حكومة ضمن حدود القرارات التي لا تحتاج الى توقيع رئيس الحكومة.

واذا كانت حتى الساعة لم تبرز اي حماسة لدى الشخصيات السنية الاساسية لتقديم عروض تكليفها تشكيل الحكومة الجديدة، باستثناء الرئيس نجيب ميقاتي الذي دعا الى تشكيل حكومة من غير المرشحين في استنساخ لتجربة 2005، فان اوساط ديبلوماسية غربية في بيروت نصحت بالتروي وعدم اتخاذ اي خطوة ناقصة لان ما يجري حجمه ابعد من بيروت ورياض وطهران لا بل اكبر من ذلك بكثير، وما يخطط له قد يقلب صورة الاوضاع في المنطقة كلها، محذرة من اي اجراء قد يعتبره السنة تحديا لهم وفقا لبعض السيناريوهات التي بدأ تداولها في بيروت.

وفي هذا الاطار حذرت الاوساط الغربية من دخول قطر او ادخالها على خط الازمة في اتجاه تسمية فريق الثامن من آذار احد المحسوبين عليها رئيسا للحكومة، لان تداعيات ذلك ستكون كارثية في ظل الاجراءات التي يمكن لدول «الرباعي» ان تتخذها حيال اللبنانيين مدعومة من دول خليجية اخرى، معتبرة ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في موقف لا يحسد عليه. اما الخطر الثاني الذي رأته الاوساط الغربية فهو يتمثل في امكانية استفادة الخلايا الارهابية النائمة من عدم الاستقرار السياسي والتسلل لتنفيذ عمليات ارهابية من اغتيالات وتفجيرات تحرك النعرات المذهبية، خصوصا في حال شهد الشارع تحركات احتجاجية على غرار «جمعة الغضب» عام 2011، وهذا ما يتطلب في الوقت الحالي جهدا استثنائيا من الاجهزة الامنية التي فقدت بالتأكيد الغطاء السياسي الذي كانت تتمتع به،  واشارت الاوساط الغربية، اما الخطر الثالث فهو مالي، اذ ان لا قدرة لمصرف لبنان على تحمل التدخل في السوق بشكل يومي لفترة طويلة، كما ان اي خطوة باتجاه سحب بعض الاستثمارات سيكون له تاثير سلبي، فضلا عن ان الاجراءات الضريبية التي اتخذت لتمويل السلسلة لن يكون بالامكان تطبيقها في ظل غياب الاتفاق السياسي الداخلي.

وفقا للمادة 69 من الدستور اللبناني تعتبر حكومة «استعادة الثقة» مستقيلة، وان جاء الامر غير اعتيادي لجهة المكان والشكل. فماذا بعد والى اين؟ هل تحدد بعبدا بالاتفاق مع عين التينة موعدا للاستشارات الملزمة؟ وهل ثمة شخصية سنية مستعدة لتلقف كرة النار الحكومية؟ ومن ترى صاحب كلمة سر التسمية هذه المرة؟ وقبل كل ذلك كيف سيبني الرئيس عون على الشيء مقتضاه ما لم يجتمع بالرئيس الحريري؟ وهل بامكانه ان يعتبر الاستقالة كأنها لم تكن؟

 

كل شيء ممكن في ظل الابداع والابتكار والتفسير الدستوري اللبناني، رغم ان المؤكد حتى الساعة ان البلاد دخلت مرحلة تصريف الاعمال. فكيف ستتطور الامور؟